والتعبير ب " الرحمن " إشارة لطيفة إلى أنه كيف يعرض هؤلاء عن الله الذي عمت رحمته العامة الجميع وشملتهم، ويغفلون عن ذكره؟ فهل يستحق أمثال هؤلاء غير هذا المصير ويكونون أقرانا للشياطين، يتبعون أوامرهم، وينفذون ما يملون عليهم؟
واحتمل بعض المفسرين أن يكون للشياطين هنا معنى واسع بحيث يشمل حتى شياطين الإنس، واعتبروا الكلمة إشارة إلى رؤوس الضلالة وزعمائها الذين يتسلطون على الغافلين عن ذكر الله سبحانه فيكونون أقرانا لهم، وهذا التوسع في المعنى ليس ببعيد.
ثم أشارت الآية التالية إلى أمر مهم كانت الشياطين تقوم به في شأن هؤلاء الغافلين، فقالت: وإنهم ليصدونهم عن السبيل (1).
فكلما صمموا على التوبة والرجوع إلى طريق الصواب والرشاد كانت الشياطين تلقي في طريقهم الأحجار والعقبات، وتنصب الموانع في طريق عودتهم حتى لا يعودوا إلى الصراط المستقيم أبدا. وتزين الشياطين طريق الضلال لهم إلى الحد الذي يظنون: ويحسبون أنهم مهتدون كما نقرأ ذلك في الآية (38) من سورة العنكبوت حول عاد وثمود: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
وهكذا تستمر هذه الحالة على هذا المنوال، فيبقى الإنسان الغافل الجاهل على ضلاله، وتستمر الشياطين في إضلاله، حتى ترفع الحجب، وتنفتح عين رؤيته على الحقيقة: حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين.
إن كل أنواع العذاب من جهة، ومجالسة قرين السوء هذا من جهة أخرى والنظر إلى وجهه المشؤوم يجسد أمام عينيه كل ذكريات ضياعه وتعاسته، فويل له إذ