(فتأمل!) (1).
والجدير بالملاحظة هنا: هو أن المفسرين قد احتملوا عدة احتمالات في تفسير في عقبه ففسرها البعض بكل ذرية إبراهيم وأسرته، واعتبرها آخرون خاصة بقوم إبراهيم وأمته، وفسرها جماعة بآل محمد (عليهم السلام) إلا أن الظاهر هو أن لها معنى واسعا يشمل كل ذريته إلى انتهاء الدنيا، والتفسير بآل محمد (عليهم السلام) من قبيل بيان المصداق الواضح لها.
والآية التالية جواب عن سؤال في الحقيقة، وهو: في مثل هذه الحال لم لا يعذب الله مشركي مكة؟ ألم نقرأ في الآيات السابقة: فانتقمنا منهم؟
فتقول الآية مجيبة: بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين فنحن لم نكتف بحكم العقل ببطلان الشرك والوثنية، ولا بحكم وجدانهم بالتوحيد، بل أمهلناهم لإتمام الحجة عليهم حتى يقوم هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذا النبي العظيم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بهدايتهم.
وبتعبير آخر، فإن جملة لعلهم يرجعون في الآية السابقة توحي بأن الهدف من مساعي إبراهيم (عليه السلام) الحثيثة كان رجوع كل ذريته إلى خط التوحيد، في حين أن العرب كانت تدعي أنها من ذرية إبراهيم (عليه السلام) ورغم ذلك لم ترجع، إلا أن الله سبحانه أمهلهم مع ذلك حتى يأتي النبي العظيم بالكتاب الجديد ليوقظ هؤلاء من نومهم، وبالفعل فقد استيقظت جماعة عظيمة منهم.
إلا أن العجيب أنه: ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون!
نعم.. لقد عدوا القرآن المجيد سحرا، والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ساحرا، وإذا لم يرجعوا عما قالوا فإن عذاب الله سيحيط بهم ويأخذهم من حيث لا يشعرون.
* * *