الأوثان ولا يتبعون إبراهيم (عليه السلام).
ثانيا: إن عبدة الأصنام استندوا إلى هذا الاستدلال الواهي - وهو اتباع الآباء - فلم يقبله إبراهيم منهم أبدا، كما يقول القرآن الكريم في سورة الأنبياء - 53، 54:
قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين.
ثالثا: إن هذه الآية نوع من التطييب لخاطر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين الأوائل ليعلموا أن مثل هذه المخالفات والتوسلات بالمعاذير والحجج الواهية كانت موجودة دائما، فلا ينبغي أن يضعفوا أو ييأسوا.
تقول الآية الأولى: وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون (1)، ولما كان كثير من عبدة الأصنام يعبدون الله أيضا، فقد استثناه إبراهيم مباشرة فقال:
إلا الذي فطرني فإنه سيهدين.
إنه (عليه السلام) يذكر في هذه العبارة الوجيزة دليلا على انحصار العبودية بالله تعالى، لأن المعبود هو الخالق والمدبر، وكان الجميع مقتنعين بأن الخالق هو الله سبحانه، وكذلك أشار (عليه السلام) في هذه العبارة إلى مسألة هداية الله التكوينية والتشريعية التي يوجبها قانون اللطف (2).
وقد ورد هذا المعنى في سورة الشعراء، الآيات 77 - 82 أيضا.
ولم يكن إبراهيم (عليه السلام) من أنصار أصل التوحيد، ومحاربة كل اشكال الشرك طوال حياته وحسب، بل إنه بذل قصارى جهده من أجل ابقاء كلمة التوحيد في هذا العالم إلى الأبد، كما تبين ذلك الآية التالية إذ تقول: وجعلها كلمة باقية في