مهددة بالسقوط، فإن القتال هنا يعتبر قيمة سامية، ويكتسب عنوان الجهاد في سبيل الله، ولذلك توجد في الإسلام أنواع من الجهاد: الجهاد الابتدائي، المحرر للأمم، والجهاد الدفاعي، والجهاد من أجل إخماد نار الفتنة والشرك والوثنية، وقد أوردنا تفصيلها في موضع آخر (1).
بناء على هذا فإن الجهاد الإسلامي على خلاف ما يدعيه أعداء الإسلام من أنه يعني فرض العقيدة على الآخرين، بل إن العقيدة المفروضة لا قيمة لها في الإسلام، لكن الجهاد يتعلق بالموارد التي يشن فيها العدو الحرب ضد الأمة الإسلامية، أو عندما يسلبها الحريات التي منحها الله إياها، أو أنه يريد أن يهدر حقوقها ويصادرها، أو أن ظالما قد أخذ بأنفاس مظلوم فيجب على المسلمين حينئذ أن يهبوا لنصرة المظلوم، حتى وإن أدى الأمر إلى قتال القوم الظالمين.
وقد عكست الآيات السابقة هذا المعنى في عبارة لطيفة وجيزة، حينما تقول:
ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم وعلى هذا فإن الحرب هي حرب بين الحق والباطل، لا أنها وسيلة لتكوين الدولة، ومحاولة توسيع رقعتها، والإغارة على أموال الآخرين، والتسلط وإعمال القوة والإرهاب.
ولهذا السبب - أيضا - قرأنا في الرواية التي أوردناها في تفسير هذه الآيات أن نار الحرب لن تخمد في المجتمع الإنساني إلا بعد القضاء على الدجالين، وتطهير الأرض من دنسهم.
وهنا نكتة تستحق الانتباه، وهي أن الإسلام قد أكد على مسألة التعايش السلمي مع أتباع الأديان السماوية الأخرى، وقد وردت في الآيات والروايات والفقه الإسلامي بحوث مفصلة في هذا الباب تحت عنوان (أحكام أهل الذمة) فإذا كان الإسلام يؤيد فرض العقيدة والإكراه عليها، ويتوسل بالقوة والسيف من أجل