وآسيا.
لقد استمر الرق في إنجلترا حتى سنة 1840، وفي فرنسا حتى سنة 1848، وفي هولندا إلى سنة 1863، وفي أمريكا إلى سنة 1865، ثم عقد مؤتمر بروكسل فأصدر قرارا بإلغاء الرق في أنحاء العالم، وكان ذلك سنة 1890، أي قبل أقل من مائة عام.
2 - تغيير شكل الرق في دنيا اليوم: صحيح أن الغربيين كانوا قد سبقوا إلى إلغاء الرق، إلا أننا عندما نحقق في المسألة بدقة، نرى أن الرق لم تقتلع جذوره، بل إنه تحور من حالة إلى أخرى أخطر وأكثر رعبا، أي إنه اتخذ شكل استعمار الشعوب، واسترقاق المستعمرات، بحيث كلما ضعف الرق الفردي قوي الاسترقاق الجماعي والإستعمار، فإن الإمبراطورية البريطانية التي كانت سباقة إلى إلغاء الرق، تعتبر السباقة أيضا في استعمار الشعوب.
إن الجرائم التي ارتكبها المستعمرون الغربيون طوال مدة استعمارهم لم تكن أقل من جرائم مرحلة العبودية، بل كانت أوسع وأشد إجراما.
وحتى بعد تحرر المستعمرات، فإن استعباد الأمم قد استمر، لأن هذه الحرية كانت حرية سياسية، أما الاستعمار الاقتصادي والثقافي فلا يزال حاكما في كثير من المستعمرات التي نالت حريتها، وغيرها.
وأما الدول الشيوعية التي نادت قبل الجميع بإلغاء العبودية، واتخذتها ذريعة في ثورتها، فإنها بالذات مبتلاة بنوع من الاسترقاق العام الذي يندى له الجبين، فإن الشعوب التي تعيش في ظل هذه الدول تكون كالعبيد تماما لا يملكون من أمرهم شيئا، ويعين أعضاء الحزب الشيوعي كل مقدراتهم وما يتعلق بشؤون حياتهم، وإذا ما أبدى أحد وجهة نظر مخالفة فإما أن يرسل إلى المخيمات الإجبارية، أو يلقى في دهاليز السجون، وإذا كان من العلماء فإنه يبعث إلى دار المجانين باعتباره مختل العقل ومصابا بمرض نفسي وعصبي.