سريعا، وسيرون بأعينهم ما أطلقوه عليها وادعوه فيها، ويجزون أشد العذاب، وعندها سيطلعون على أخطائهم، ويعرفون ما كانوا عليه من الضلالة والغي.
إن عمر الدنيا قصير جدا بالنسبة إلى عمر الآخرة، حتى: كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار.
إن هذا الإحساس بقصر عمر الدنيا بالنسبة إلى الآخرة، إما بسبب أن هذه الحياة ليست إلا ساعة أمام تلك الحياة الخالدة حقيقة وواقعا، أو لأن الدنيا تنقضي عليهم سريعا حتى كأنها لم تكن إلا ساعة، أو من جهة أنهم لا يرون حاصل كل عمرهم الذي لم يستغلوه ويستفيدوا منه الاستفادة الصحيحة إلا ساعة لا أكثر.
هنا سيغطي سيل الأحزان والحسرة قلوب هؤلاء، ولات حين ندم، إذ لا سبيل إلى الرجوع.
لهذا نرى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد سئل: كم ما بين الدنيا والآخرة؟ فقال: " غمضة عين، ثم يقول: قال الله تعالى: كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار " (1). وهذا يوحي بأن التعبير بالساعة لا تعني مقدار الساعة المتعارفة، بل هو إشارة إلى الزمان القليل القصير.
ثم تضيف الآية كتحذير لكل البشر " بلاغ " (2) لكل أولئك الذين خرجوا عن خط العبودية لله تعالى.. لأولئك الغارقين في بحر الحياة الدنيا السريعة الزوال والفناء، والعابدين شهواتها.. وأخيرا هو بلاغ لكل سكان هذا العالم الفاني.
وتقول في آخر جملة تتضمن استفهاما عميق المعنى، وينطوي على التهديد:
فهل يهلك إلا القوم الفاسقون؟
* * *