تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور (1).
وجاءت أحيانا بمعنى الوفاء بالعهد، كقوله تعالى: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما (2).
لكن بملاحظة أن أصحاب الشرائع والأديان الجديدة من الأنبياء قد ابتلوا بمشاكل أكثر، وواجهوا مصاعب أشد، وكانوا بحاجة إلى عزم وإرادة أقوى وأشد لمواجهتها، فقد أطلق على هذه الفئة من الأنبياء (أولو العزم) والآية مورد البحث إشارة إلى هذا المعنى ظاهرا. وهي تشير ضمنا إلى أن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الفئة، لأنها تقول: فاصبر كما صبر أولو العزم.
وإذا كان البعض قد فسر العزم والعزيمة بمعنى الحكم والشريعة فمن هذه الجهة، وإلا فإن كلمة العزم لم تأت في اللغة بمعنى الشريعة.
وعلى أية حال، فطبقا لهذا المعنى تكون (من) في (من الرسل) تبعيضية، وإشارة إلى فئة خاصة من الأنبياء كانوا أصحاب شريعة، وهم الذين أشارت إليهم الآية 7 من سورة الأحزاب: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا.
فقد أشارت الآية إلى هؤلاء الأنبياء الخمسة بعد ذكر جميع الأنبياء بصيغة الجمع، وهذا دليل على خصوصيتهم.
وتتحدث الآية (13) من سورة الشورى عنهم أيضا، فتقول: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى.
وقد رويت في هذا الباب روايات كثيرة في مصادر الشيعة والسنة، تدل على أن الأنبياء أولي العزم كانوا خمسة، كما ورد في حديث عن الإمامين الباقر