لقد ورد هذا التعبير بصيغ مختلفة في القرآن الكريم مرارا، ففي الآية (51) من سورة الأعراف: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا.
وجاء هذا المعنى أيضا بأسلوب آخر في الآية (14) من سورة ألم السجدة.
لاشك أن النسيان لا معنى له بالنسبة إلى الله سبحانه الذي يحيط علمه بكل عالم الوجود، لكنه هنا كناية لطيفة عن احتقار الإنسان المجرم العاصي وعدم الاهتمام به، ويلاحظ هذا التعبير حتى في محادثاتنا اليومية، فنقول: انس فلانا الذي لا وفاء له، أي عامله كإنسان منسي، ولا تمنحه المحبة والعطف والوداد، واترك تفقد أحواله، ولا تذهب إليه أبدا.
ثم إن هذا التعبير تأكيد آخر - بصورة ضمنية - على مسألة تجسم الأعمال، وتناسب الجريمة والعقاب، لأن نسيانهم يوم القيامة في الدنيا يؤدي إلى أن ينساهم الله يوم القيامة، وما أعظم مصيبة نسيان الله الرحمن الرحيم لفرد من الأفراد، وحرمانه من جميع ألطافه ومننه.
وذكر المفسرون هنا تفاسير مختلفة للنسيان تتلخص جميعا في المعنى المذكور أعلاه، ولذلك لا نرى حاجة لتكرارها.
ثم إن المراد من نسيان لقاء يوم القيامة، نسيان لقاء كل المسائل والحوادث التي تقع في ذلك اليوم، سواء الحساب أم غيره، حيث كانوا ينكرونها.
ويحتمل أيضا أن يكون المراد نسيان لقاء الله سبحانه في ذلك اليوم، لأن يوم القيامة قد وصف في القرآن المجيد بيوم لقاء الله، والمراد منه الشهود الباطني.
وتتابع الآية الحديث، فتقول: ومأواكم النار وإذا كنتم تظنون أن أحدا سيهب لنصرتكم وغوثكم، فاقطعوا الأمل من ذلك، واعلموا أنه وما لكم من ناصرين.
أما لماذا ابتليتم بمثل هذا المصير؟ ف ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا.
وأساسا فإن " الغرور " و " الاستهزاء " لا ينفصلان عن بعضهما عادة، فإن الأفراد