وكل هذه كانت مواهب ونعما من الله سبحانه.
وتتحدث الآية في الفقرة الرابعة حديثا جامعا شاملا عن المواهب المادية، فتقول: ورزقناهم من الطيبات.
النعمة الخامسة، هي تفوقهم وقوتهم التي لا ينازعهم فيها أحد، كما توضح الآية ذلك في ختامها فتضيف: وفضلناهم على العالمين.
لاشك أن المراد من " العالمين " هنا هم سكان ذلك العصر، لأن الآية (110) من سورة آل عمران تقول بصراحة: كنتم خير أمة أخرجت للناس.
وكذلك نعلم أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أشرف الأنبياء وسيدهم، وبناء على هذا فإن أمته أيضا تكون خير الأمم، كما ورد ذلك في الآية (89) من سورة النحل:
ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء.
وتشير الآية التالية إلى الموهبة السادسة التي منحها الله سبحانه لهؤلاء المنكرين للجميل، فتقول: وآتيناهم بينات من الأمر.
" البينات " يمكن أن تكون إشارة إلى المعجزات الواضحة التي أعطاها الله سبحانه موسى بن عمران (عليه السلام) وسائر أنبياء بني إسرائيل، أو أنها إشارة إلى الدلائل والبراهين المنطقية الواضحة، والقوانين والأحكام المتقنة الدقيقة.
وقد احتمل بعض المفسرين أن يكون هذا التعبير إشارة إلى العلامات الواضحة التي تتعلق بنبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي علمها هؤلاء، وكان باستطاعتهم أن يعرفوا نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلالها كمعرفتهم بأبنائهم: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم (1).
لكن لا مانع من أن تكون كل هذه المعاني مجتمعة في الآية.
وعلى أية حال، فمع وجود هذه المواهب والنعم العظيمة، والدلائل البينة الواضحة لا يبقى مجال للاختلاف، إلا أن الكافرين بالنعم هؤلاء ما لبثوا أن