الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٤ - الصفحة ٥٤١
السورة ص والقرآن ذي الذكر.
فالهدف هو إيقاظ الأفكار، ورفع المستوى العلمي، وزيادة قوة المقاومة والصمود لدى المسلمين الذي نزلت إليهم هذه الآيات (1).
ثم أخرجت الأمور من طابعها الخاص وبيان أوضاع وأحوال الأنبياء، إلى طابعها العام، لتشرح بصورة عامة مصير المتقين، إذ تقول: وإن للمتقين لحسن مآب (2).
بعد هذه الآية القصيرة ذات المعاني الخفية والتي توضح تماما حال المتقين بصورة مختصرة، يعمد القرآن المجيد مجددا إلى اتباع أسلوبه الخاص، وهو أسلوب الإيجاز والتفصيل، ليشرح ما فاز به المتقون جنات عدن مفتحة لهم الأبواب (3).
" جنات " إشارة إلى حدائق الجنة، و (عدن) تعني الاستقرار والثبات، ولهذا اطلق على المنجم الذي تحوي أعماقه أنواع الفلزات والمواد الثمينة كلمة (معدن).
وعلى أية حال فالعبارة هنا تشير إلى خلود حدائق الجنة.
وعبارة مفتحة لهم الأبواب إشارة إلى أنهم لا يتكلفون حتى بفتح أبواب الجنة، إذ أنها تنفتح بدون عناء لاستقبال أهل الجنة، إذ أن الجنة بانتظارهم، وعندما تراهم تفتح لهم أبوابها وتدعوهم للدخول إليها.
ثم تبين الهدوء والسكينة التي تحيط بأهل الجنة، إذ تقول: متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب (4). أي إنهم متكئون على سرر فيها، وقد

1 - مجموعة من المفسرين اعتبرت (هذا ذكر) إشارة إلى أن كل ما قيل بشأن الأنبياء من ذكر خير وثناء جميل كان إشارة إلى أولئك، فيما تستعرض الآيات التالية مرتبتهم في الآخرة، ولكن هذا المعنى مستبعد، وظاهر الآيات لا يتناسب مع ما ذكرناه أعلاه.
2 - " مآب " تعني المرجع، وإضافة (حسن) إلى (مآب) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف.
3 - " جنات عدن " بدل أو عطف بيان (مآب).
4 - الضمير (فيها) يعود في كلا الحالتين على (جنات عدن) ووصف الفاكهة بأنها كثيرة دليل على وصف (الشراب) بهذا الوصف. (متكئين) حال للضمير (لهم).
(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 ... » »»
الفهرست