والصغيرة في الكعبة، والبالغ عددها (360) صنما، تعجبوا: لماذا جاءهم النذير من بينهم؟ وعجبوا أن جاءهم منذر منهم.
كان تعجبهم بسبب أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل منهم.. فلماذا لم تنزل ملائكة من السماء بالرسالة؟.. هؤلاء تصوروا أن نقطة القوة هذه نقطة ضعف، فالذي يبعث من بين قوم، هو أدرى باحتياجات وآلام قومه، كما أنه أعرف بمشكلاتهم وتفصيلات حياتهم، ويمكن أن يكون لهم أسوة وقدوة، إلا أنهم اعتبروا هذا الامتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعجبوا من أمر بعثته إليهم.
وأحيانا كانوا يجتازون مرحلة التعجب إلى مرحلة اتهام رسول الله بالسحر والكذب وقال الكافرون هذا ساحر كذاب.
وقلنا عدة مرات: إن اتهامهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسحر، إنما نتج من جراء رؤيتهم لمعجزاته التي لا تقبل الإنكار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفكار المجتمع، واتهامه بالكذب بسبب تحدثه بأمور تخالف سنتهم الخرافية وأفكارهم الجاهلية التي كانت جزءا من الأمور المسلم بها في ذلك المجتمع، وادعاء الرسالة من الله.
وعندما أظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوته لتوحيد الله، أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له: تعالى واسمع العجب العجاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب (1).
نعم، فالغرور والتكبر إضافة إلى فساد المجتمع، تساهم جميعا في تغير بصيرة الإنسان، وجعله متعجبا من بعض الأمور الواقعية والواضحة، في حين يصر بشدة على التمسك ببعض الخرافات والأوهام الواهية.
وكلمة (عجاب) على وزن (تراب) تعطي معنى المبالغة، وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب.
فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنه كلما ازدادت عدد آلهتهم إزداد نفوذهم