فيما فقد البعض الآخر عقله وهو ينظر بدهشة وتحير لجذاذ آلهته المنتشرة هنا وهناك، تلك الأصنام التي خالوها ملجأ وملاذا لهم يوم لا ملجأ لهم، أصبحت بلا ناصر ولا معين.
ثم تحول جو السكوت الذي خيم عليهم لحظة مشاهدة المشهد، تحول إلى صراخ واستفسار عمن فعل ذلك بآلهتهم؟
ولم يمر وقت طويلا، حتى تذكروا وجود شاب يعبد الله في مدينتهم اسمه إبراهيم، كان يستهزئ بأصنامهم، ويهدد بأنه أعد مخططا خطيرا لأصنامهم.
من هنا استدلوا على أن إبراهيم هو الفاعل، فأقبلوا عليه جميعا غاضبين فأقبلوا إليه يزفون.
" يزفون " مشتقة من (زف) على وزن (كف) وتستعمل بخصوص هبوب الرياح والحركة السريعة للنعامة الممتزجة ما بين السير والطيران، ثم تستخدم للكناية عن (زفاف العروس) إذ تعني أخذ العروس إلى بيت زوجها.
على أية حال، المراد هنا هو أن عبدة الأصنام جاؤوا مسرعين إلى إبراهيم، وسنقرأ تتمة الأحداث في الآيات القادمة.
* * * 2 ملاحظات 3 1 - هل أن الأنبياء يستخدمون التورية؟
" التورية " - ويعبر عنها أحيانا بلفظة (معاريض) - تعني أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده. فمثلا شخص يسأل آخر: متى رجعت من السفر؟ فيجيبه: قبل غروب الشمس، في الوقت الذي كان قد عاد من سفره قبل الظهر، فالسائل يفهم من ظاهر الكلام، أنه عاد قبل غروب الشمس بقليل، في حين أنه كان يقصد قبل الظهر، لأن قبل الظهر يعد أيضا قبل غروب الشمس. أو شخص