في الخطأ، ومن هذا الباب قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة الحرمة، ولكن إن لم تكن قد اشتملت على مفسدة، ولم تكن مصداقا للكذب، فليس هناك دليل على حرمتها. ورواية الإمام الصادق (عليه السلام) هي من هذا القبيل.
بناء على ذلك فإن عدم وجود الكذب في التورية ليس كافيا، بل يجب أيضا أن لا تشتمل التورية على مفاسد ومضار أخرى. وبالطبع ففي الحالات التي تقتضي الضرورة فيها أن يقول الإنسان كذبا، فمن المسلم به جواز استعمال التورية ما دام هناك مجال لاستخدامها، لكي لا يكون كلامه مصداقا للكذب.
لكن هل أن التورية جائزة أيضا للأنبياء، أم لا؟
يجب القول: إنه طالما كانت سببا في تزلزل ثقة الناس المطلقة فهي غير جائزة، لأن الثقة المطلقة هذه هي رأسمال الأنبياء في طريق التبليغ، وأما في موارد مثل ما ورد عن تمارض إبراهيم (عليه السلام) ونظره في النجوم، ووجود هدف مهم في ذلك العمل، دون أن تتسبب في تزلزل أعمدة الثقة لدى مريدي الحق، فلا تنطوي على أي إشكال.
3 2 - إبراهيم والقلب السليم:
كما هو معروف فإن كلمة (القلب) تعني في الاصطلاح القرآني الروح والعقل، ولهذا فإن (القلب السليم) يعني الروح الطاهرة السالمة الخالية من كافة أشكال الشرك والشك والفساد.
والقرآن الكريم وصف بعض القلوب ب (القاسية) فبما نقضهم ميثاقهم لعنهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به .... (1) وأحيانا وصفها بأنها غير طاهرة، كما ورد في (سورة المائدة - 41).