منه. (1) وقد وصل إزعاجهم لنبي الله نوح - المعروف بصبره الكبير - وإساءتهم الأدب اتجاهه واتهامه بالجنون إلى درجة لا تطاق، بحيث دعا نوح ربه بالقول: رب انصرني بما كذبون. (2) وعلى أية حال، فإن مجموع هذه الحوادث السيئة وأذاهم له كان يحز في قلبه الطاهر بشدة حتى لحظة وقوع الطوفان، إذ أنقذه الله سبحانه وتعالى من قبضة قومه الطغاة، وأزال عنه الكرب العظيم والغم الشديد.
واحتمل بعض المفسرين أن المراد من الكرب العظيم هو الطوفان الذي لم ينج منه سوى نوح وأتباعه المؤمنين، ولكن هذا المعنى مستبعد.
ويضيف القرآن الكريم وجعلنا ذريته هم الباقين.
أحقا أن كل بني الإنسان الذين يعيشون اليوم على ظهر الكرة الأرضية هم من ذرية نوح؟ الآية المذكورة أعلاه تصرح بذلك..
أم المقصود هو أن مجموعة كبيرة من الأنبياء والأولياء والصالحين هم من ذريته، وليس كل الناس؟ بهذا الشأن لدينا بحث، سنتطرق إليه بعون الله.
وإضافة إلى ذلك يقول القرآن: أننا جعلنا لنوح ثناء وذكرا جميلا في الأجيال والأمم اللاحقة: وتركنا عليه في الآخرين.
فقد وصفه القرآن المجيد بالنبي المقاوم والشجاع والصبور والرحيم والعطوف، وأطلق عليه لقب شيخ الأنبياء. وتاريخه أسطورة للمقاومة والثبات، كما يمكن أن يستلهم سالكو طريق الحق من برامجه عبرا ودروسا تمكنهم من اجتياز العراقيل التي يضعها الأعداء والجهلة أمامهم.
فبعد تحمله كافة الصعاب والآلام، منحه الله سبحانه وتعالى وساما خالدا