الحق والتصديق به، على عكس ساكني مراكز المدن الذين يعيشون حياة مرفهة تجعل من الصعب قبولهم لدعوة الحق.
التعبير ب " يا قوم " يوضح حرقة هذا الرجل وتألمه على أهل مدينته، ودعوته إياهم إلى اتباع الرسل، تلك الدعوة التي لم تكن لتحقق له أي نفع شخصي.
والآن لننظر إلى هذا الرجل المجاهد، بأي منطق وبأي دليل خاطب أهل مدينته؟
فقد أشار أولا إلى هذه القضية اتبعوا من لا يسألكم أجرا. فتلك القضية بحد ذاتها الدليل الأول على صدق هؤلاء الرسل، فهم لا يكسبون من دعوتهم تلك أية منفعة مادية شخصية، ولا يريدون منكم مالا ولا جاها ولا مقاما، وحتى أنهم لا يريدون منكم أن تشكروهم. والخلاصة: لا يريدون منكم أجرا ولا أي شئ آخر.
وهذا ما أكدت عليه الآيات القرآنية مرارا فيما يخص الأنبياء العظام، كدليل على إخلاصهم وصفاء قلوبهم، وفي سورة الشعراء وحدها تكررت هذه الجملة خمس مرات وما أسألكم عليه من أجر (1).
ثم يضيف: إن هؤلاء الرسل كما يظهر من محتوى دعوتهم وكلامهم انهم أشخاص مهتدون: وهم مهتدون إشارة إلى أن عدم الاستجابة لدعوة ما إنما يكون لأحد سببين: إما لأن تلك الدعوة باطلة وتؤدي إلى الضلال والضياع، أو لأنها حق ولكن الدعاة لها يكتسبون من تلك الدعوة منافع شخصية لهم مما يؤدي إلى تشويه النظرة إلى تلك الدعوة، ولكن حينما لا يكون هذا ولا ذاك فما معنى التردد والتباطئ عن الاستجابة.
ثم ينتقل إلى ذكر دليل آخر على التوحيد الذي يعتبر عماد دعوة هؤلاء الرسل، فيقول: وما لي لا أعبد الذي فطرني.