فكما نقل بعض المفسرين فقد توقف نزول المطر عليهم لمدة (1)، ولكنهم لم يعتبروا من ذلك، بل إنهم اعتبروا تلك الحوادث مرتبطة ببعثة هؤلاء الرسل. ولم يكتفوا بذلك، بل إنهم أظهروا سوء نواياهم من خلال التهديد الصريح والعلني، وقالوا:
لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم.
هل أن " العذاب الأليم " هو تأكيد على مسألة الرجم، أو زيادة المجازاة أكثر من الرجم وحده؟
يوجد احتمالان، ولكن يبدو أن الاحتمال الثاني هو الأقرب، لأن الرجم من أسوأ أنواع العذاب الذي قد ينتهي أحيانا بالموت، ومن الممكن أن ذكر العذاب الأليم إشارة إلى أننا سنرجمكم إلى حد الموت، أو أنه علاوة على الرجم فإننا سنمارس معكم أنواعا أخرى من التعذيب التي كانت تستعمل قديما كإدخال الأسياخ المحماة في العيون أو صب الفلز المذاب في الفم وأمثالها.
بعض المفسرين احتملوا أيضا أن (الرجم) هو تعذيب جسماني أما " العذاب الأليم " فهو عذاب معنوي روحي (2). ولكن الظاهر أن التفسير الأول هو الأقرب.
أجل، فلأن أتباع الباطل وحماة الظلم والفساد لا يملكون منطقا يمكنهم من المنازلة في الحوار، فإنهم يستندون دائما إلى التهديد والضغط والعنف، غافلين عن أن سالكي طريق الله لن يستسلموا أمام أمثال هذه التهديدات، بل سيزيدون من استقامتهم على الطريق، فمنذ اليوم الأول الذي سلكت فيها أقدامهم طريق الدعوة إلى الله وضعوا أرواحهم على الأكف، واستعدوا لأي نوع من الفداء والتضحية.
هنا رد الرسل الإلهيون بمنطقهم العالي على هذيان هؤلاء: قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم.