الله الذي شملت رحمته العالم بأسره لابد أن يبعث الأنبياء والرسل لتربية النفوس والدعوة إلى الرشد والتكامل البشري.
كذلك يحتمل أيضا أن يكونوا قد أكدوا على وصف الرحمانية لله ليقولوا بذلك أن الله الرحمن العطوف لا يثير المشاكل لعباده بإرسال الرسل والأنبياء، بل إنه يتركهم وشأنهم! وهذا المنطق الخاوي المتهاوي يتناسب مع مستوى تفكير هذه الفئة الضالة.
على كل حال، فإن هؤلاء الأنبياء لم ييأسوا جراء مخالفة هؤلاء القوم الضالين ولم يضعفوا، وفي جوابهم قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ومسؤوليتنا إبلاغ الرسالة الإلهية بشكل واضح وبين فحسب.
وما علينا إلا البلاغ المبين.
من المسلم به أنهم لم يكتفوا بمجرد الادعاء، أو القسم بأنهم من قبل الله، بل إن مما يستفاد من تعبير " البلاغ المبين " إجمالا أنهم أظهروا دلائل ومعاجز تشير إلى صدق ادعائهم، وإلا فلا مصداقية (للبلاغ المبين)، إذ أن البلاغ المبين يجب أن يكون بطريقة تجعل من الميسر للجميع أن يدركوا مراده، وذلك لا يمكن تحققه إلا من خلال بعض الدلائل والمعجزات الواضحة.
وقد ورد في بعض الروايات أيضا أن هؤلاء الرسل كانت لهم القدرة على شفاء بعض المرضى المستعصي علاجهم - بإذن الله - كما كان لعيسى (عليه السلام).
ولكن الوثنيين لم يسلموا أمام ذلك المنطق الواضح وتلك المعجزات، بل إنهم زادوا من عنفهم في المواجهة، وانتقلوا من مرحلة التكذيب إلى مرحلة التهديد والتعامل الشديد قالوا إنا تطيرنا بكم (1).
ويحتمل حدوث بعض الوقائع السلبية لهؤلاء القوم في نفس الفترة التي بعث فيها هؤلاء الأنبياء، وكانت إما نتيجة معاصي هؤلاء القوم، أو كإنذارات إلهية لهم،