الرحمن لا يريد أحدا بضر، إلا إذا أوصلت الإنسان مخالفاته إلى أن يخرج من رحمة الله ويلقي بنفسه في وادي غضبه.
ثم يقول ذلك المؤمن المجاهد للتأكيد والتوضيح أكثر: إني حين أعبد هذه الأصنام وأجعلها شريكا لله فإني سأكون في ضلال بعيد: إني إذا لفي ضلال مبين فأي ضلال أوضح من أن يجعل الإنسان العاقل تلك الموجودات الجامدة جنبا إلى جنب خالق السماوات والأرض!!
وعندما انتهى هذا المؤمن المجاهد المبارز من استعراض تلك الاستدلالات والتبليغات المؤثرة أعلن لجميع الحاضرين إني آمنت بربكم فاسمعون.
أما من هو المخاطب في هذه الجملة فاسمعون والجملة السابقة لها إني آمنت بربكم؟
ظاهر الآيات السابقة يشير إلى أنهم تلك المجموعة من المشركين وعبدة الأوثان الذي كانوا في تلك المدينة، والتعبير ب " ربكم " لا ينافي هذا المعنى أيضا، إذ أن هذا التعبير ورد في الكثير من آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الكفار حينما تستعرض الاستدلالات التوحيدية (1).
وجملة " فاسمعون " لا تنافي ما قلنا، لأن هذه الجملة كانت دعوة لهم لاتباع قوله، بالضبط كما ورد في قصة مؤمن آل فرعون حيث قال: يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد غافر - 38.
ومن هنا يتضح أن ما ذهب إليه بعض المفسرين من أن المخاطب في هذه الجملة هم أولئك الرسل، والتعبير ب " ربكم " وجملة " فاسمعون " قرينة على ذلك - لا يقوم عليه دليل سليم.
لكن لننظر ماذا كان رد فعل هؤلاء القوم إزاء ذلك المؤمن الطاهر؟
القرآن لا يصرح بشئ حول ذلك، ولكن يستفاد من طريقة الآيات التالية