بعد ذلك العرض الإجمالي العام، تنتقل الآيات إلى تفصيل الأحداث التي جرت فتقول: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون (1).
أما من هم هؤلاء الرسل؟ هناك أخذ ورد بين المفسرين، بعضهم قال: إن أسماء الاثنين " شمعون " و " يوحنا " والثالث " بولس "، وبعضهم ذكر أسماء أخرى لهم.
وكذلك هناك أخذ ورد في أنهم رسل الله تعالى، أم أنهم رسل المسيح (عليه السلام) (ولا منافاة مع قوله تعالى: إذ أرسلنا إذ أن رسل المسيح رسله تعالى أيضا)، مع أن ظاهر الآيات أعلاه ينسجم معه التفسير الأول، وإن كان لا فرق بالنسبة إلى النتيجة التي يريد أن يخلص إليها القرآن الكريم.
الآن لننظر ماذا كان رد فعل هؤلاء القوم الضالين قبال دعوة الرسل، القرآن الكريم يقول: إنهم تعللوا بنفس الأعذار الواهية التي يتذرع بها الكثير من الكفار دائما في مواجهة الأنبياء قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شئ إن أنتم إلا تكذبون.
فإذا كان مقررا أن يأتي رسول من قبل الله سبحانه، فيجب أن يكون ملكا مقربا وليس إنسانا مثلنا. هذه هي الذريعة التي تذرعوا بها لتكذيب الرسل وإنكار نزول التشريعات الإلهية، والمحتمل أنهم يعلمون بأن جميع الأنبياء على مدى التاريخ كانوا من نسل آدم، من جملتهم إبراهيم الخليل (عليه السلام)، الذي عرف برسالته، ومن المسلم أنه كان إنسانا، وناهيك عن أنه هل يمكن لغير الإنسان أن يدرك حاجات الإنسان ومشكلاته وآلامه؟
وثم لماذا أكدت الآية أيضا على صفة " الرحمانية " لله؟ لعل ذلك لأن الله سبحانه وتعالى ضمن نقله هذه الصفة في كلامهم يشعر بأن الجواب كامن في كلامهم، إذ أن