اتضح إذا أن مفهوم الآية واسع وشامل، وله في كل من تلك الأمور التي ذكرناها مصداق.
وقد يبدو عدم انسجام ما ذكرنا مع ما ورد من " أهل البيت " (عليهم السلام) حول تفسير " إمام مبين " بأمير المؤمنين علي عليه أفضل الصلاة والسلام. كما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): " لما أنزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكل شئ أحصيناه في إمام مبين قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا، قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا، قالا: فهو القرآن؟ قال: لا، قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هو هذا، إنه الإمام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شئ " (1).
وفي تفسير علي بن إبراهيم عن ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: " أنا والله الإمام المبين، أبين الحق من الباطل، ورثته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (2).
فمع أن بعض المفسرين من أمثال " الآلوسي "، قد إستاء كثيرا من عملية نقل أمثال هذه الروايات من طرق الشيعة، ونسبهم لذلك إلى عدم المعرفة والاطلاع وعدم التمكن من التفسير، إلا أنه بقليل من الدقة يتضح أن أمثال هذه الروايات لا تتنافى مع تفسير " الإمام المبين " ب " اللوح المحفوظ ". بلحاظ أن قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمقام الأول، ثم يليه قلب وليه، ويعتبران مرآة تعكس ما في اللوح المحفوظ. وإن الله سبحانه وتعالى يلهمهم القسم الأعظم مما هو موجود في اللوح المحفوظ، وبذا يصبحان نموذجا من اللوح المحفوظ، وعليه فإن إطلاق " الإمام المبين " عليهما ليس بالأمر العجيب، لأنهما فرع لذلك الأصل، ناهيك عن أن وجود الإنسان الكامل - كما نعلم - يعتبر عالما صغيرا ينطوي على خلاصة العالم