بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا (1).
والتعبير بما قدمت أيديهم الذي ينسب المعاصي إلى الأيدي، هو لأن أكثر الذنوب والأعمال يكون على يد الإنسان، وإن كانت هناك ذنوب يكتسبها القلب أو البصر أو السمع، إلا أن كثرة الأعمال التي تصدر عن اليد استدعى هذا التعبير.
وهنا ينقدح هذا السؤال، وهو: ألا تخالف هذه الآية، الآية الثالثة والثلاثين " ما قبل آيتين " لأن الكلام في هذه الآية عن يأسهم عند المصائب، في حين أن الآية السابقة تتحدث عن توجههم إلى الله عند بروز المشاكل والشدائد.
والخلاصة، إن واحدة من الآيتين تتحدث عن " الرجاء " والأخرى عن " اليأس "؟
لكن مع الالتفات إلى مسألة دقيقة يتضح جواب هذا السؤال، وذلك أن الآية المتقدمة كان الكلام فيها عن " الضر " أي الحوادث الضارة كالطوفان والزلزلة والشدائد الأخرى التي تصيب عامة الناس " الموحدين منهم والمشركين ".
فيتذكرون الله في هذه الحال، وهذا واحد من دلائل الفطرة على التوحيد.
أما في الآية محل البحث فالكلام على نتائج المعاصي واليأس الناشئ منها، لأن بعض الأفراد إذا عملوا صالحا أصبحوا مغرورين وحسبوا أنفسهم مصونين من عذاب الله، وحين يعملون السيئات وتحل بهم العقوبة فيغم وجودهم اليأس من رحمة الله، فكلتا الحالين " العجب والغرور " و " اليأس والقنوط من رحمة الله " مذمومتان!
فعلى هذا تكون كل آية من الآيتين قد تناولت موضوعا منفصلا عن الآخر.
* * *