وبالطبع فإنه لا منافاة في الجمع بين التفسيرين، وعلى هذا فإن مفهوم الآية مفهوم واسع، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقرباه وخاصة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هم المصداق الأتم لهذه الآية.
ومن هنا يتضح أن لا منافاة لأي من التفاسير الآنفة مع كون السورة مكية، لأن مفهوم الآية مفهوم جامع ينبغي العمل به في مكة وفي المدينة أيضا، وحتى خبر إعطاء " فدك " لفاطمة (عليها السلام) على أساس هذه الآية مقبول جدا.
الشئ الوحيد الذي يبقى هنا، هو جملة " لما نزلت هذه الآية.... " في رواية أبي سعيد الخدري، إذ أن ظاهرها أن إعطاء فدك كان بعد نزول الآية، ولكن لو أخذنا كلمة " لما " به معنى العلة، لا بمعنى الزمان الخاص، ينحل هذا الإشكال، ويكون مفهوم الآية أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطى فاطمة فدكا لأمر الله إياه، أضف إلى ذلك فإن بعض آيات القرآن يتكرر نزولها!.
ولكن لم ذكر هؤلاء الثلاثة من بين جميع المحتاجين وأصحاب الحق؟
لعل ذلك لأهميتهم، لأن حق ذي القربى أهم وأعلى من أي حق سواه، ومن بين المحرومين والمحتاجين فإن المساكين وأبناء السبيل أحوج من الجميع!.
أو أن ذلك لما أورده " الفخر الرازي " هنا إذ يقول: " في تخصص الأقسام الثلاثة بالذكر دون غيرهم، مع أن الله ذكر الأصناف الثمانية في الصدقات، فنقول:
أراد هاهنا بيان من يجب الإحسان إليه على كل من له مال، سواء كان زكويا أم لم يكن، وسواء كان بعد الحول أو قبله، لأن المقصود هاهنا الشفقة العامة، وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للمحسن مال زائد، أما القريب فتجب نفقته وإن كان لم تجب عليه زكاة كمال القاصرين أو مال لم يحل عليه الحول، والمسكين كذلك فإن من لا شئ له إذا بقي في ورطة الحاجة حتى بلغ الشدة، يجب على من له مقدرة دفع حاجته وإن لم يكن عليه زكاة، وكذلك من انقطع في مفازة ومع آخر دابة يمكنه بها إيصاله إلى مأمن، يلزمه ذلك، وإن لم تكن عليه