للعبد في الحالة الأولى " سعة الرزق "، وتارة يراها في الثانية، أي " الضيق ".
وصحيح أن العالم هو عالم الأسباب، فمن جد وجد، ومن سعى قاوم الصعاب ينل فائدة أكثر ويربح عادة، وأما أولئك الكسالى فلا ينالون إلا قليلا...
لكن هذه القاعدة في الوقت ذاته ليست دائمية ولا كلية، إذ يتفق أن نرى أناسا جديرين وجادين يركضون من هنا وهناك، إلا أنهم لا يصلون إلى نتيجة يبلغون هدفهم، وعلى العكس منهم قد نشاهد أناسا لا يسعون ولا يجدون وتتفتح عليهم أبواب الرزق من كل حدب وصوب.
وهذه الاستثناءات كأنها لبيان أن الله بالرغم من جميع ما جعل للأسباب من تأثير، لا ينبغي أن ينسى في عالم الأسباب، ولا ينبغي للانسان أن يغفل أن وراء هذا العالم يدا قوية أخرى تديره كيف شاءت!
فأحيانا - ووفق مشيئته - توصد جميع الأبواب بوجه الإنسان مهما سعى وجد في الأمر، وقد يرحم الانسان وييسر له الأمور إلى درجة انه ما أن يخطو خطوة... وإذا الأبواب متفتحة أمامه!
فما نرى في حياتنا من هذه المفارقات، بالإضافة إلى أنه يحد من الغرور المتولد من وفور النعمة، واليأس الناشئ من الفقر، فهو في الوقت ذاته دليل على أن وراء إرادتنا ومشيئتنا يدا قوية أخرى " تسير أعمالنا ".
لذلك يقول القرآن في نهاية الآية: إن في ذلك لآية لقوم يؤمنون.
وينقل بعض المفسرين كلاما بهذا المضمون وهو: سئل أحد العلماء: ما الدليل على أن للعالم صانعا واحدا؟
فقال هناك ثلاثة أدلة: " ذل اللبيب، وفقر الأديب، وسقم الطبيب ". (1) أجل إن وجود هذه المستثنيات والمفارقات دليل على أن الأمور بيد قادر آخر، كما ورد في كلام الإمام علي (عليه السلام) أيضا " عرفت الله سبحانه بفسخ العزائم،