3 2 - التفسير المنحرف لجملة ولا تدع مع الله إلها آخر!
يستدل جماعة من الوهابيين أحيانا على أن مسألة " التوسل والشفاعة " لا تنسجم مع حقيقة التوحيد، بالآية الآنفة وآيات أخرى مشابهة لها.
إذ يقول أولئك: إن القرآن نهى عن عبادة غير الله بصريح العبارة، كما نهى أن ندعو أسماء سوى الله، إذ قال: فلا تدعوا مع الله أحدا. (1) والحال أن المقصود من هذه الآيات ليس هو أن لا ندعو أشخاصا آخرين، بل المقصود كما هو مستفاد من الآية مع الله أي أن من يعتقد أن ما كان لله يمكن طلبه من غير الله ويراه مستقلا في إنجازه، فإنه مشرك.
ولكننا إذا اعتقدنا بأن جميع القدرات هي خاصة بالله، ولا نعتقد بأن أحدا معه يكون مبدأ الأثر... ونعتقد بأن لله أولياء يشفعون بإذنه وأمره، فنتوسل بهم إلى الله ليشفعوا لنا عند الله، فهذا هو التوحيد بعينه، وهذا هو ما أشارت إليه آيات القرآن مرارا.
ترى هل كان قول إخوة يوسف لأبيهم: يا أبانا استغفر لنا شركا؟! (سورة يوسف الآية 97).
وهل - حين يقول القرآن: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، (2) يكون قول القرآن هذا دعوة نحو الشرك؟!!
إن حقيقة الشفاعة والتوسل - أيضا - ليس شيئا سوى ما أشرنا إليه آنفا (3)!
ربنا ألهم قلوبنا نور التوحيد والمعرفة، لئلا نرى سواك، ولا نطلب سواك، ولا نرجوا سواك!