ورد في أربع آيات من هذه الآيات الست التأكيد على أن في هذه الأمور دلائل واضحة " للعالمين، المتفكرين، السميعين، العاقلين " إلا أن هذا التأكيد لم يرد في الآية الأولى، ولا الآية الأخيرة.
ويوضح الفخر الرازي في هذا المجال فيقول: لعل عدم ذكر ذلك، في الآية الأولى لأن الآية الأولى والثانية جاءتا متصلتين في سياق واحد، وكلتاهما من الآيات التي تتحدث في الأنفس.
وأما في الآية الأخيرة فإن الأمر واضح إلى درجة لا يحتاج بعدها إلى مزيد إيضاح، ولا تأكيد على التعقل والتفكر (1)!
الطريف هنا أن الحديث عن التفكر ورد قبل الحديث والكلام عن " العلم " لأن التفكر مقدمة وقاعدة للعلم، ثم يأتي الكلام على من يسمع، لأن الإنسان يستعد للاستماع وتقبل الحق، إذا كان في صدد العلم والاطلاع، كما يقول القرآن في هذا المجال: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (2) وفي آخر مرحلة كان الكلام عن العقل، لأن أولئك كانوا يسمعون، فلابد أن يبلغوا مرحلة العقل الكامل!
كما ينبغي الالتفات إلى هذه اللطيفة، هي أنه وقع الكلام في ذيل الآية الأولى عن خلق الإنسان وانتشار نسله في الأرض ثم إذا أنتم بشر تنتشرون.
ووقع الكلام في آخر آية أيضا عن خروج الناس ونشورهم في يوم القيامة إذا أنتم تخرجون.
فالآية الأولى لبداية الخلق، والأخيرة للنهاية.