و " السلطان " معناه ما يدل على السلطة وينتهي إلى الانتصار عادة، ومعناه هنا هو الدليل المحكم المقنع.
والتعبير ب " يتكلم " هو نوع من التعبير المجازي، إذ ترانا نعبر عند وضوح الدليل قائلين " كأن هذا الدليل يتكلم مع الإنسان "!
واحتمل بعض المفسرين أن المراد بالسلطان هنا هو أحد الملائكة المقتدرين، فيكون استعمال " يتكلم " هنا على نحو الحقيقة، أي لم نرسل عليهم ملكا يتكلم بالشرك فيتبعوه!.
إلا أن التفسير الأول أوضح كما يبدو!
أما آخر آية من الآيات محل البحث، فهي ترسم طريقة تفكير وروحية هؤلاء الجهلة الأغبياء الذين يقنطون ويحزنون لأقل مصيبة، فتقول: وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون.
في حين أن المؤمنين الصادقين هم الذين لا يغفلون عن ذكر الله عند النعم، ولا يقنطون عند الشدائد والمصيبة، إذ هم يشكرون الله على نعمه، ويرون المصيبة امتحانا واختبارا، أو يعدونها نتيجة أعمالهم، فيصبرون ويتجهون إلى الله تعالى.
فالمشركون يعيشون دائما بين " الغرور " و " اليأس "، أما المؤمنون فهم بين " الشكر " و " الصبر ".
ويستفاد ضمنا من هذه الآية بصورة جيدة أن قسما من المصائب والابتلاءات التي تحل بالإنسان هي - على الأقل - نتيجة أعماله وذنوبه، فالله يريد أن ينبههم ويطهرهم ويلفتهم إليه.
وينبغي الالتفات إلى أن جملة فرحوا بها ليس المراد منها هنا السرور بالنعمة فحسب، بل السرور المقرون بالغرور ونوع من السكر والنشوة، وهي الحالة التي يكون عليها الأراذل عندما تتهيأ لهم وسائل العيش والحياة، وإلا فإن السرور المقرون بالشكر والتوجه نحو الله ليس أمرا سيئا، بل هو مأمور به قل