باستعمال كلمتي " ضر " و " رحمة " نكرتين.
أي إن طائفة تبلغ بهم الحال إلى أن يفزعوا إلى الله عند حدوث أقل مشكلة لهم، وتنكشف الحجب عن فطرتهم التوحيدية، ولكن إذا رأوا نعمة ولو بأقل ما يتصور، فإنهم يغفلون عن واقعهم كليا، وينسون كل شئ!
وبالطبع ففي الحالة الأولى يبين القرآن أن الناس يفزعون جميعا إلى الله عند الضر والشدائد، لأن فطرة التوحيد موجودة في الجميع.
ولكن في الحالة الثانية يتحدث القرآن عن جماعة تسلك طريق الشرك فحسب، لأن طائفة من عباد الله يذكرون الله في الشدائد وفي الرخاء وفي السراء والضراء. فلا تنسيهم المتغيرات ذكر الله أبدا.
والتعبير ب منيبين إليه - كما رأينا في مفهوم الإنابة سابقا - من مادة " النوب " وتعني العودة ثانية إلى الشئ، هذا التعبير إشارة لطيفة للمعنى التالي، وهو أن الأساس في الفطرة هو توحيد الله وعبادته، والشرك أمر عارض، حيث متى ما يئسوا منه فهم يعودون نحو الإيمان والتوحيد، شاؤوا أم أبوا!.
والطريف هنا أن " الرحمة " في الآية مسندة إلى " الله "، فهو سبحانه مصدر الرحمة للعباد، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر إلا أن الضر لم يسند إليه سبحانه، لأن كثيرا من الابتلائات والمشاكل التي تحوطنا هي من نتائج أعمالنا وذنوبنا.
وكلمة " ربهم " التي تكررت في الآية تكررت في الآية مرتين، تؤكد على أن الإنسان يحس بالتدبير الإلهي وربوبية الله على وجوده ما لم تؤثر عليه التعليمات الخاطئة فتسوقه نحو الشرك والضلال.
وينبغي ذكر هذه المسألة الدقيقة، وهي أن الضمير في كلمة " منه " يعود إلى الله، وهذا تأكيد على أن جميع النعم من الله سبحانه. وقد اختار كثير من المفسرين هذا المعنى أمثال " الطباطبائي " في الميزان، و " الطوسي " في التبيان، و " أبو الفتوح الرازي " في تفسيره وغيرهم، وإن ذهب غيرهم كالفخر الرازي إلى إن