وقالوا: إن الجدال هي المراحل الهجومية الأولى في البحث... وأما المراء فيراد منه الصد الدفاعي في الكلام.
كما أن هناك قولا بأن الجدال في المسائل العلمية، أما المراء فهو في الأعم منها " وبالطبع فإنه لا تضاد بين هذه التفاسير جميعا ".
وعلى كل حال، فإن الجدال أو البحث مع الآخرين، تارة يقع بالتي هي أحسن، وذلك ما بيناه بالشرائط المتقدمة آنفا، وينبغي رعايتها بدقة. وتارة يكون بغير الأحسن، وذلك في ما لو أهملت الأمور التي ذكرناها في مستهل كلامنا على الجدال، وجعلت في طي النسيان.
ونختتم هذا الكلام بعدة روايات بليغة ونافعة لنتعلم منها:
ففي حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقا " (1).
ونقرأ في حديث آخر أن سليمان النبي (عليه السلام) قال لولده " يا بني إياك والمراء، فإنه ليست فيه منفعة، وهو يهيج بين الأخوان العداوة " (2).
3 3 - الكافرون والظالمون نواجه في الآيات المتقدمة آنفا هذا التعبير وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون ومرة أخرى نواجه المضمون ذاته مع شئ من التفاوت فبدلا من كلمة " الكافرون " جاءت كلمة " الظالمون " وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون.
والموازنة بين التعبيرين تدل على أن المسألة ليست من قبيل التكرار، بل هي لبيان موضوعين، أحدهما يشير إلى جانب عقائدي " الكافرون " والآخر يشير إلى جانب عملي " الظالمون ".