والآية الآنفة الذكر تبين المعنى الواسع حول ارتباط الفساد بالذنب، الذي لا يختص بأرض " مكة " والحجاز، ولا بعصر النبي (صلى الله عليه وآله)، بل هو من قبيل القضية الحقيقية التي تبين العلاقة بين الموضوع والمحمول!
وبعبارة أخرى: حيثما ظهر الفساد فهو انعكاس لأعمال الناس وفيه - ضمنا - هدف تربوي، ليذوق الناس " طعم العلقم " نتيجة أعمالهم، لعلهم ينتهون ويثوبون إلى رشدهم!
ويقول بعضهم: إن هذه الآية ناظرة إلى القحط و " الجدب " الذي أصاب المشركين بسبب دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) على مشركي مكة!... فانقطعت المزن ويبست الصحاري، وصار من الصعب عليهم الصيد من البحر الأحمر أيضا.
وعلى فرض أن يكون هذا الكلام صحيحا تاريخيا، إلا أنه بيان لأحد المصاديق ولا يحدد معنى الآية في مسألة ارتباط الفساد بالذنب، فهي ليست محددة بذلك الزمان والمكان، ولا بالجدب وانقطاع " الغيث ".
ومما ذكرناه آنفا يتضح جيدا أن كثيرا من التفاسير المحدودة والضيقة التي نقلها بعض المفسرين في ذيل الآية غير مقبولة بأي وجه.
كما فسروا الفساد في الأرض بأنه قتل " هابيل " على يد " قابيل "، أو أن المراد بالفساد في البحر هو غصب السفن في عصر موسى، والخضر (عليهم السلام).
أو أن المراد من الفساد في البر والبحر هو ظهور الحكام المتسلطين الفاسدين الذين يشيعون الفساد في جميع هذه المناطق!.
وبالطبع فإن الممكن أن تكون مصاديق الآية مثل هؤلاء الأفراد الذين يتسلطون على الناس نتيجة الدنيا والمجاملة وجر الناس للذل، ولكن من المسلم به أن هذا المصداق لا يعني تخصيص مفهوم الآية!.
كما أن جماعة من المفسرين بحثوا في معنى الفساد في البحر أيضا، فقال بعضهم: المراد بالبحر هو المدن التي إلى جانب البحر، وقال بعضهم: إن المراد