2 التفسير 3 الشرارة الأولى للوحي:
نصل الآن - إلى المقطع السابع - من هذه القصة..
لا يعلم أحد - بدقة - ما جرى على موسى في سنواته العشر مع شعيب (1)، ولا شك أن هذه السنوات العشر كانت من أفضل سنوات العمر لموسى (عليه السلام) سنوات عذبة هادئة، سنوات هيأته للمسؤولية الكبرى.
في الحقيقة كان من الضروري أن يقطع موسى (عليه السلام) مرحلة عشر سنين من عمره في الغربة إلى جانب النبي العظيم شعيب، وأن يكون راعيا لغنمه، ليغسل نفسه مما تطبعت عليه من قبل أو ما قد أثرت عليه حياة القصر من خلق وسجية.
كان على موسى (عليه السلام) أن يعيش إلى جوار سكنة الأكواخ فترة ليعرف همومهم وآلامهم، وأن يتهيأ لمواجهة سكنة القصور.
ومن جهة أخرى كان موسى بحاجة إلى زمن طويل ليفكر في أسرار الخلق وعالم الوجود وبناء شخصيته. فأي مكان أفضل له من صحراء مدين، وأفضل من بيت شعيب؟!.
إن مسؤولية نبي من أولي العزم، ليست بسيطة حتى يمكن لكل فرد أن يتحملها، بل يمكن أن يقال: إن مسؤولية موسى (عليه السلام) - بعد مسؤولية النبي محمد (صلى الله عليه وآله) - من بين الأنبياء جميعا، كانت أثقل وأهم، بالنظر لمواجهته الجبابرة على الأرض، وتخليص أمة من أسرهم، وغسل آثار الأسر الثقافي من أدمغتهم.
نقرأ في " التوراة " وفي بعض الروايات الإسلامية - أيضا - أن شعيبا قرر تكريما لأتعاب موسى وجهوده معه أن يهب له ما تلده الأغنام في علائم خاصة، فاتفق أن ولدت جميع الأغنام أو أغلبها - في السنة الذي ودع فيها موسى شعيبا -