تترك أثرها في العقل والتفكير وتدفعه إلى انتخاب الطريق!
وعادة يطلق على النوع الأول من هذه الدوافع " الغريزة " وعلى النوع الثاني " الفطرة " (فلاحظوا بدقة).
عبادة الله والاتجاه نحوه لهما مكانه في نفوس جميع الناس، وهو ما يصطلح عليه ب " الفطرة ".
ويمكن أن يعد بعض الناس هذا الكلام ادعاء محضا، يدعيه المؤمنون، إلا أن لدينا دلائل وشواهد مختلفة توضح بجلاء كون " الميل إلى الله " فطريا، بل تؤكد هذا الميل في جميع أصول الدين وأبعاده:
1 - إن دوام الاعتقاد الديني والإيمان بالله على امتداد التاريخ البشري بنفسه دليل على الفطرة! لأنه إذا كان ذلك على سبيل العادة، لما كانت له جنبة عمومية ولا جنبة دائمية، فهذا العموم وهذا الدوام دليل على فطرية الحالة.
يقول المؤرخون الكبار: لم ير في المجتمعات الإنسانية في أعماق التاريخ البشري، وفي عصر ما قبل التاريخ أن أقواما بشرية عاشت بلا دين إلا بشكل استثنائي.
ويقول " ويل دورانت " المؤرخ المعاصر:
" إذا عرفنا الدين على أنه عبادة القوى التي هي أسمى من الطبيعة، فينبغي أن نأخذ بنظر الاعتبار هذه المسألة الدقيقة، وهي أن بعض الأمم البدائية لم يكن لها أي دين ظاهرا " ثم يضيف بعد ذكر أمثلة لهذا الموضوع: فما ذكر من الأمثلة هو في عداد الحالات النادرة، والرأي القائل: التدين يشمل عموم أفراد البشر، يوافق الحقيقة "!
ثم يضيف قائلا: " تعد هذه القضية في نظر الفيلسوف واحدة من القضايا الأساسية في التاريخ والدراسات النفسية، فهو لا يقنع بهذه المسألة: إن جميع الأديان محشوة بالباطل واللغو والخرافات، بل هو ملتفت إلى هذه المسألة، وهي