ولادة الأبعاد الثلاثة الأخرى " (1).
4 - إن التجاء الإنسان في الشدائد والمحن إلى قوة خفية وراء الطبيعة، وطلب حل المشاكل والأزمات من قبل هذه القوة، لهو أيضا شاهد آخر على أصالة هذا الدافع الباطني والإلهام الفطري، ويمكن - بضمها إلى مجموع الشواهد التي ذكرناها آنفا - أن توقفنا على مثل هذا الدافع الباطني في داخلنا نحو الله سبحانه.
وبالطبع فمن الممكن أن يعد بعضهم هذا التوجه من آثار التلقينات أو الإعلام الديني في المحيط الاجتماعي المتدين!
إلا أن عمومية هذه الظواهر في جميع الناس، حتى في أولئك الذين لا علاقة لهم بالمسائل الدينية عادة، تدل على أن لها جذرا أعمق من هذه الفرضية.
5 - وفي حياة الإنسان حوادث وظواهر لا يمكن تفسيرها إلا عن طريق أصالة الحس الديني... فكثير من الناس نجدهم قد ضحوا بجميع ما لديهم من الإمكانات المادية، ولا يزالون يضحون أيضا، ويصبون كل ما عندهم مع ما لديهم من سوابق تحت قدم الدين، وربما قدموا أنفسهم في سبيله أيضا.
الشهداء الذين شربوا كأس الشهادة - من أجل تقدم الأهداف الإلهية وتحققها - بشوق وعشق بالغين، بحيث نرى أمثالهم في تاريخ جهاد الإسلام الطويل، بل في تأريخ الأمم الأخرى أيضا، يكشفون عن هذه الحقيقة، وهي أن الحس الديني له جذر عميق في روح الإنسان.
لكن قد يرد على هذا الكلام إشكال، وهو أن أفرادا - كالشيوعيين مثلا - لهم موقع إلحادي - ضد الأيدلوجية والدين - ولا يكتمون موقعهم هذا أبدا.. كما أن لهم مواقف تضحوية في سبيل حفظ فكرتهم واعتقادهم!
إلا أن هذا الإشكال ينحل تماما بملاحظة هذه المسألة، وهي أنه حتى