ووجه القلب والروح فعلى هذا ليس المراد هنا من الوجه أو المحيا وحده، بل التوجه بجميع الوجود، لأن الوجه أهم أعضاء البدن!
وكلمة " أقم " مشتقة من الإقامة، ومعناه الاستقامة والوقوف بثبات (على قدم راسخة)...
وكلمة " حنيف " مشتقة من " حنف "، ومعناها الميل من الباطل نحو الحق، ومن الإعوجاج نحو الاستواء والاستقامة، على العكس من " جنف " على وزن " حنف " أيضا، ومعناها الميل من الاستواء إلى الضلالة والإعواجاج.
فمعنى الدين الحنيف هو الدين المائل نحو العدل والاستواء عن كل انحراف وباطل وخرافة وضلال.
فيكون معنى هذه الجملة بمجموعها، أن وجه نفسك دائما نحو مبدأ ومذهب خال من أي أنواع الإعوجاج والانحراف، وذلك هو مبدأ الإسلام ودين الله الخالص والطاهر (1).
إن الآية المتقدمة تؤكد على أن الدين الحنيف الخالص الخالي من كل أنواع الشرك، هو الدين الذي ألهمه الله سبحانه في كل فطرة، الفطرة الخالدة التي لا تتغير، وإن كان كثير من الناس غير ملتفت لهذه الحقيقة.
والآية المتقدمة تبين عدة حقائق:
1 - إن معرفة الله - ليست وحدها - بل الدين والاعتقاد بشكل كلي وفي جميع أبعاده هو أمر فطري، وينبغي أن يكون كذلك، لأن الدراسات التوحيدية تؤكد أن بين جهاز التكوين والتشريع انسجاما لازما، فما ورد في الشرع لابد أن يكون له جذر في الفطرة، وما هو في التكوين وفطرة الإنسان متناغم مع قوانين الشرع!