كان " مصرا " فقد جاء التعبير بالأرض بصورة مطلقة.
ويحتمل أيضا أن الألف واللام للعهد أي " أرض مصر ".
وعلى كل حال فإن فرعون - من أجل تقوية قواعده الاستكبارية - قد أقدم على عدة جرائم كبرى!..
فالجريمة الأولى، أنه فرق بين أهل مصر وجعل أهلها شيعا وهي سياسة معروفة ومتبعة على امتداد التاريخ، وعليها يستند المستكبرون في حكمهم، فلا يمكن أن تحكم الأقلية - التي لا تعد شيئا - على الأكثرية إلا بالخطة المعروفة " فرق تسد " فهم مستوحشون من " كلمة التوحيد " و " توحيد الكلمة " ويخافون منهما أبدا -.
ويخافون من التفاف الناس بعضهم حول بعض، ولذلك يلجأون إلى الطبقية في الحكم، فهذه الطريقة وحدها تتكفل بقاءهم في الحكم، كما صنعه فرعون في أهل مصر، ويصنعه الفراعنة في كل عصر ومصر.
أجل، إن فرعون قسم أهل مصر إلى طائفتي " الأقباط " و " الأسباط ".
فالأقباط هم أهل مصر " الأصليون " الذين كانوا يتمتعون بجميع وسائل الرفاه والراحة، وكانت في أيديهم القصور ودوائر الدولة والحكومة.
و " الأسباط " هم المهاجرون إلى مصر من بني إسرائيل الذين كانوا على هيئة العبيد والخدم " في قبضة الأقباط "! وكانوا محاطين بالفقر والحرمان، ويحملون أشد الأعباء دون أن ينالوا من وراء ذلك نفعا [والتعبير بالأهل في شأن الطائفتين الأقباط والأسباط هو لأن بني إسرائيل كانوا قد سكنوا مصر مدة طويلة فكانوا يعدون من أهلها حقيقة!].
وحين نسمع أن بعض الفراعنة يستعمل مائة ألف مملوك من العبيد لتشييد مقبرة خلال عشرين سنة (كما هي الحال بالنسبة إلى هرم خوفو المعروف الكائن بمقربة من القاهرة عاصمة مصر) ويموت في سبيل ذلك آلاف العبيد والمماليك