عمران " و " الأعراف ".
وعلاوة على ذلك كله فإنه يظهر من كثير من الروايات في شأن طسم أن هذه الحروف إشارات موجزة عن صفات الله سبحانه وتعالى، أو أنها أماكن مقدسة.. ولكنها في الوقت ذاته لا تمنع من ذلك التفسير المعروف الذي أكدنا عليه مرارا، وهو أن الله تعالى يريد أن يوضح هذه الحقيقة للجميع، وهي أن هذا الكتاب السماوي العظيم الذي هو أساس التغيير الكبير في تأريخ البشرية وحامل المنهج المتكامل للحياة الكريمة للإنسانية يتشكل من أمور بسيطة كهذه الحروف " ألف باء... " التي يستطيع أن يتلفظ بها كل صبي.
ومن هنا تتجلى عظمة القرآن وأهميته القصوى، إذ يتألف من هذه الحروف البسيطة التي هي في اختيار الجميع.
ولعل هذا السبب كان داعيا لأن يكون الحديث بعد " الحروف المقطعة " مباشرة عن عظمة القرآن، إذ يقول: تلك آيات الكتاب المبين، وبالرغم من أن الكتاب المبين جاء بمعنى اللوح المحفوظ كما قد ورد في الآية (61) من سورة يونس ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين والآية السادسة من سورة هود كل في كتاب مبين ولكنه جاء بمعنى القرآن في الآية محل البحث بقرينة ذكر " الآيات " وكذلك جملة نتلوا عليك الواردة في الآية التي بعدها..
وقد وصف القرآن هنا بكونه " مبين " وكما يستفاد من اللغة فإن كلمة " مبين " تستعمل في المعنيين " اللازم والمتعدي "، فهو واضح في نفسه وموضح لغيره، والقرآن المجيد بمحتواه المشرق يميز الحق عن الباطل، ويبين الطريق اللاحب من الطريق المعوج (1).
والقرآن بعد ذكر هذه المقدمة القصيرة يحكى قصة " فرعون " و " موسى " فيقول: نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون.