والتعبير ب " نمن " كما أشرنا إلى ذلك من قبل، معناه منح الهبات والنعم، وهو يختلف تمام الاختلاف مع " المن " المراد به عد النعم لتحقير الطرف المقابل، وهو مذموم قطعا.
ويكشف الله في هاتين الآيتين الستار عن إرادته ومشيئته بشأن المستضعفين، ويذكر في هذا المجال خمسة أمور بعضها مرتبط ببعض ومتقاربة أيضا:
الأول: قوله تعالى: ونريد أن نمن... لنشملهم بالمواهب والنعم.. الخ.
الثاني: قوله: ونجعلهم أئمة.
الثالث: قوله: ونجعلهم الوارثين أي المستخلفين بعد الفراعنة والجبابرة.
الرابع: قوله: ونمكن لهم في الأرض أي نجعلهم يحكمون في الأرض وتكون السلطة والقدرة وغيرهما لهم وتحت تصرفهم..
والخامس: إن ما كان يحذره الأعداء منهم وما عبأوه لمواجهتهم يذهب أدراج الرياح، وتكون العاقبة لهم ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون.
هكذا لطف الله وعنايته في شأن المستضعفين، أما من هم أولئك المستضعفون؟! وما هي أوصافهم؟! فسنتحدث عن كل ذلك بعد قليل بإذن الله وكان " هامان " وزير فرعون المعروف يتمتع بنفوذ وسلطة إلى درجة أن الآية المتقدمة إذ تتحدث عن جنود مصر فإنها تعزوهم إلى فرعون وهامان معا (وسيأتي مزيد إيضاح وشرح عن حال هامان بإذن الله في ذيل الآية (38) من هذه السورة ذاتها).
* * *