وفي هذه الخطة الإجرامية من قبل الفراعنة ضد الحوامل قصص مذكورة، إذ قال بعضهم: إن فرعون كان قد أمر برقابة مشددة على النساء الحوامل من بني إسرائيل، وأن لا يلي إيلادهن إلا قابلة من القبطيات والفرعونيات، فإذا كان المولود ذكرا فإن جلاوزة القصر الفرعوني يأتون ليتسلموا " قربانهم " (1).
ولا يعرف بدقة كم بلغ عدد " ضحايا الحوامل " من أطفال بني إسرائيل على أثر هذه الخطة الإجرامية؟ قال بعضهم: كان الضحايا من الأطفال المواليد تسعين ألفا، وأوصلها بعضهم إلى مئات الآلاف!..
لقد كانوا يظنون أنهم سيقفون بوجه إرادة الله الحتمية بهذه الجرائم الوحشية، فلا ينهض بنوا إسرائيل ضدهم ولا يزول سلطانهم.
ثم تأتي الآية الأخرى لتقول: إن إرادتنا ومشيئتنا اقتضت احتواء المستضعفين بلطفنا وكرمنا ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض وأن تشملهم رعايتنا ومواهبنا تكون بيد الحكومة ومقاليد الأمور: ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين.
ويكونون اولي قوة وقدرة في الأرض ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ما أبلغ هاتان الآيتان، وما أعظم ما فيهما من رجاء وأمل!.. إذ جاءتا بصورة الفعل المضارع والاستمرار، لئلا يتصور أنهما مختصتان بالمستضعفين من بني إسرائيل وحكومة الفراعنة، إذ تبدآن بالقول: ونريد أن نمن....
أي إن فرعون أراد أن يجعل بني إسرائيل شذر مذر ويكسر شوكتهم ويبير قواهم وقدرتهم، ولكننا أردنا - ونريد - أن ينتصروا ويكونوا أقوياء!
فرعون يريد أن تكون الحكومة بيد المستكبرين إلى الأبد. ولكنا أردنا أن تكون بيد المستضعفين، فكان كما أردنا.