فعلى هذا الأساس يمكن أن تكون هذه الآية - المشار إليها آنفا - مكية، ولو فرضنا أنها نزلت " بالجحفة " فهي إلى مكة أقرب منها إلى المدينة.
وعلى هذا الأساس - أيضا - لا يمكن - في تقسيم الآيات إلى مكية ومدنية - إلا أن نعد هذه الآية (85) مكية!..
أجل.. هذه السورة نزلت في مكة... وفي ظروف كان المؤمنون في قبضة الأعداء الأقوياء وبين مخالبهم.. الأعداء الذين كانوا أكثر عددا وأشد قدرة وقوة ونفيرا..
فهؤلاء الأقلية من المؤمنين والمسلمين كانوا يرزحون تحت وطأة هذا التصور بحيث كان جماعة من المسلمين قلقين على مستقبل الإسلام وخائفين من أجله. وبما أن هذه الحالة كانت كثيرة الشبه بالحالة التي كان عليها بنو إسرائيل وهم بين مخالب الفراعنة، فإن قسما من محتوى هذه السورة يتحدث عن قصة بني إسرائيل وموسى (عليه السلام) والفراعنة..
ولعل هذا القسم يستوعب نصف هذه السورة تقريبا.. خاصة أنها تتحدث عن فترة كان موسى طفلا ضعيفا رضيعا في قبضة الفراعنة... ولكن تلك القدرة التي تستوعب عالم الوجود كله - ولا تقف أية قوة أمامها - تكفلت هذا الطفل الضعيف ورعته وهو في أحضان أعدائه الأقوياء، حتى منحته قدرة وقوة قصوى قهرت سلطان الفراعنة ونكست تيجانهم وقلبت قصورهم!!.
هكذا تتحدث هذه السورة ليطمئن المسلمون إلى لطف الله وقدرته، ولا يرهبوا كثرة الأعداء وقوتهم، ولا يخافوا من الطريق ذاته!..
أجل.. القسم الأول من هذه السورة يتضمن هذا التاريخ الملئ بالدروس والعبر ويبشر المستضعفين في بداية السورة بحكومة الحق والعدل لهم وكسر شوكة الظالمين، بشرى تمنحهم الاطمئنان والقدرة.
تتحدث هذه السورة عن أن بني إسرائيل كانوا مصفدين بأغلال أعدائهم ما