وتر، وأهل الحجاز يفتحون فيقولون وتر في الفرد، ويكسرون الوتر في الذحل (1)، وقيس وتميم يسوونهما في الكسر، ويقولون في الوتر الذي هو الإفراد: أوترت وأنا أوتر ايتارا أي: جعلت أمري وترا. وفي الذحل وترته أتره وترا وترة. قال أبو بكر:
وترته في الذحل، إنما هو أفردته من أهله وماله. ومن قرأ يكرمون وما بعده بالياء، فلما تقدم من ذكر الانسان، والمراد به الجنس والكثرة على لفظ الغيبة. ولا يمتنع في هذه الأشياء الدالة على الكثرة، أن يحمل على اللفظ مرة، وعلى المعنى أخرى.
ومن قرأ بالتاء، فعلى معنى قل لهم ذلك، ومعنى لا تحضون على طعام المسكين، لا تأمرون به، ولا تبعثون عليه، ولا تحاضون تتفاعلون منه.
وقوله: (ولا يعذب عذابه أحد) معناه: لا يعذب تعذيبه فوضع العذاب موضع التعذيب، كما وضع العطاء موضع الإعطاء في قوله: (وبعد عطائك المائة الرتاعا) (2). فالمصدر الذي هو عذاب مضاف إلى المفعول به، مثل دعاء الخير.
والمفعول به الانسان المتقدم ذكره في قوله (يوم يتذكر الانسان) والوثاق أيضا موضع الإيثاق. فأما من قرأ (لا يعذب) فقد قيل: إن المعنى فيه أنه لا يتولى عذاب الله تعالى يومئذ أحد، والأمر يومئذ أمره، ولا أمر لغيره. هذا قول. وقد قيل أيضا: لا يعذب أحد في الدنيا مثل عذاب الله في الآخرة، وكأن الذي حمل قائل هذا القول على أن قاله، أنه إن حمله على ظاهره، كان المعنى لا يعذب أحد في الآخرة مثل عذاب الله، ومعلوم أنه لا يعذب أحد في الآخرة، مثل عذاب الله. إنما المعذب الله تعالى. فعدل عن الظاهر لذلك. ولو قيل: إن المعنى فيومئذ لا يعذب أحد أحدا تعذيبا مثل تعذيب الكافر المتقدم ذكره، فأضيف المصدر إلى المفعول به كما أضيف إليه في القراءة الأولى، ولم يذكر الفاعل كما لم يذكره في مثل قوله تعالى (من دعاء الخير) لكان المعنى في القراءتين سواء، والذي يرد بأحد الملائكة الذين يتولون تعذيب أهل النار، ويكون ذلك كقوله (يوم يسحبون في النار على وجوههم) وقوله (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) وقوله. (ولهم مقامع من حديد) لا شبهة أن يكون هذا القول أولى، والفاعل له هم الملائكة.