وقيل: معناه لا أقسم بيوم القيامة لظهورها بالدلائل العقلية والسمعية. وقيل: معناه لا أقسم بيوم القيامة، فإنكم لا تقرون بها.
(ولا أقسم بالنفس اللوامة) فإنكم لا تقرون بأن النفس تلوم صاحبها يوم القيامة. ولكن أستخبركم فأخبروني هل أقدر على أن أجمع العظام المتفرقة، وهذان الوجهان عن أبي مسلم. وقيل: معناه أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة.
أقسم بالأول، ولم يقسم بالثاني، عن الحسن. قال علي بن عيسى. وهذا ضعيف، لأنه يخرج عن تشاكل الكلام. والأولى أن يكونا قسمين، وهو قول الأكثرين.
وجواب القسم محذوف تقديره ما الأمر على ما تتوهمون، وإنكم تبعثون، أو لتبعثن، ومن قرأ (لأقسم) فإنه يجعلها جواب القسم، وحذف النون لأنه أراد الحال. وقد ذكرنا ما قيل فيه. والنفس اللوامة: الكثيرة اللوم. وليس من نفس برة، ولا فاجرة، إلا وهي تلوم نفسها يوم القيامة، إن كانت عملت خيرا قالت: هلا ازددت، وإن كانت عملت سوءا قالت: يا ليتني لم أفعل، عن ابن عباس، في رواية عطاء. وقال مجاهد: تلوم على ما مضى، تقول: لم فعلت، ولم لم أفعل. وقيل: النفس اللوامة. الكافرة الفاجرة، عن قتادة ومجاهد. ومعناه: ذات اللوم الكثير لما سلف منها. وقيل: هي النفس المؤمنة، تلوم نفسها في الدنيا، وتحاسبها، فتقول: ماذا فعلت؟ ولم قصرت؟ فتكون مفكرة في العواقب أبدا. والفاجر: لا يفكر في أمر الآخرة، ولا يحاسب نفسه، عن الحسن.
(أيحسب الانسان) صورته صورة الاستفهام، ومعناه الانكار على منكري البعث ومعناه: أيحسب الكافر بالبعث والنشور، يعني جنس الكفار (أن لن نجمع عظامه) أي أنه لن نعيده إلى ما كان أولا خلقا جديدا بعد أن صار رفاتا، فكنى عن البعث بجمع العظام. ثم قال سبحانه: (بلى) نجمعها (قادرين على أن نسوي بنانه) على ما كانت، وإن قلت عظامها وصغرت، فنردها كما كانت، ونؤلف بينها حتى يستوي البنان. ومن قدر على جمع صغار العظام، فهو على جمع كبارها أقدر، عن الزجاج، والجبائي، وأبي مسلم. وقيل: معناه نقدر على أن نجعل بنانه كالخف والحافر، فيتناول المأكول بفيه، ولكنا مننا عليه بالأنامل، ليكمل بها المنفعة، ويتهيأ له القبض والبسط، والارتفاق بالأعمال اللطيفة، كالكتابة وغيرها، عن ابن عباس، وقتادة.