وغلبتهم. (والقمر) أقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه. (والليل إذ أدبر) وأقسم بالليل إذا ولى وذهب، عن قتادة. وقيل: أدبر إذا جاء بعد غيره، وأدبر. إذا ولى مدبرا. فعلى هذا يكون المعنى في إذ أدبر إذا جاء الليل في أثر النهار. وفي إذا دبر: إذا ولى الليل فجاء الصبح عقيبه. وعلى القول الأول فهما لغتان معناهما ولى وانقضى. (والصبح إذا أسفر) أي إذا أضاء وأنار، عن قتادة، وهو قسم آخر. وقيل: معناه إذا كشف الظلام وأضاء الأشخاص. وقال قوم: التقدير في هذه الأقسام، ورب هذه الأشياء، لأن اليمين لا يكون إلا بالله تعالى.
(إنها لإحدى الكبر) هذا جواب القسم يعني إن سقر التي هي النار لإحدى العظائم. والكبر: جمع الكبرى، وهي العظمى، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.
وقيل: معناه إن آيات القرآن لإحدى الكبر في الوعيد (نذيرا للبشر) أي منذرا ومخوفا معلما مواضع المخافة والنذير الحكيم بالتحذير، عما ينبغي أن يحذر منه، فكل نبي نذير، لأنه حكيم بتحذيره عقاب الله تعالى، على معاصيه. واختلف فيه فقيل: إنه من صفة النار، عن الحسن. وقيل: من صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكأنه قال قم نذيرا، عن ابن زيد. وقيل: من صفة الله تعالى، عن ابن رزين. وعلى هذا يكون حالا من فعل القسم المحذوف.
(لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) أي يتقدم في طاعة الله، أو يتأخر عنها بالمعصية، عن قتادة. والمشيئة هي الإرادة، فيكون المعنى إن هذا الإنذار متوجه إلى من يمكنه أن يتقي عذاب النار بأن يتجنب المعاصي، ويفعل الطاعات، فيقدر على التقدم والتأخر في أمره بخلاف قول أهل الجبر القائلين مالا يطاق. وقيل: إنه سبحانه عبر عن الإيمان والطاعة بالتقدم، لأن صاحبه متقدم في العقول والدرجات، وعن الكفر والمعصية بالتأخير، لأنه متأخر في العقول والدرجات. وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الفضل، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: كل من تقدم إلى ولايتنا تأخر عن سقر، وكل من تأخر عن ولايتنا، تقدم إلى سقر (كل نفس بما كسبت رهينة) أي مرهونة بعملها محبوسة به مطالبة بما كسبته من طاعة أو من معصية، فالرهن أخذ الشئ بأمر على أن لا يرد إلا بالخروج منه. قال زهير: