الثاني أنه: (ولا أقسم). وقرأ أهل المدينة: (برق البصر) بفتح الراء. والباقون:
(برق) بالكسر. وفي الشواذ قراءة ابن عباس وعكرمة وأيوب السختياني (1) والحسن:
(المفر) بفتح الميم، وكسر الفاء، وقراءة الزهري: (المفر) بكسر الميم، وفتح الفاء.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (لا أقسم بيوم القيامة) كانت (لا) على قوله صلة كالتي في قوله (لئلا يعلم أهل الكتاب). فإن قلت: لا وما والحروف التي هن زوائد، إنما تكون بين كلامين كقوله (مما خطيئاتهم) و (فبما رحمة من الله).
و (فبما نقضهم) ولا تكاد تزاد أولا، فقد قالوا: إن مجاري القرآن مجاري الكلام الواحد والسورة الواحدة قال: والذي يدل على ذلك أنه قد يذكر الشئ في سورة، ويجئ جوابه في سورة أخرى كقوله: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون) جاء جوابه في سورة أخرى (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) فلا فصل على هذا بين قوله (لئلا يعلم)، وبين قوله: (لا أقسم). فأما من قرأ (لأقسم) فإن اللام تجوز أن تكون اللام التي تصحبها إحدى النونين في أكثر الأمر. وقد حكى ذلك سيبويه وأجازه، وكما لم يلحق النون مع الفعل الآتي في (لأقسم) كذلك لم يلحق اللام مع النون في نحو قول الشاعر.
وقتيل مرة أثأرن فإنه * فرغ وإن أخاكم لم يثأر (2) يريد: لأثأرن، فحذف اللام. ويجوز أن يكون اللام لحقت فعل الحال. وإذا كان المثال للحال، لم يتبعها النون، لأن هذه النون التي تلحق الفعل في أكثر الأمر، إنما هي للفصل بين فعل الحال، والفعل الآتي. وقد يمكن أن يكون لا ردا لكلام.
وزعموا أن الحسن قرأ (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة). وقال أقسم بالأولى، ولم يقسم بالثانية. وحكي نحو ذلك عن ابن أبي إسحاق أيضا. وذكر أبو علي في غير كتاب الحجة أن اللام زيادة، لأن القسم لا يدخل على القسم. وقال