الرفع على هذين الوجهين. وقال ابن جني: هو معطوف على علم أي وعلم قيله، فحذف المضاف. فالمصدر الذي هو قيل، مضاف إلى الهاء الذي هو مفعول في المعنى. والتقدير: وعنده علم أن يقال يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. ومن قرأ (فسوف تعلمون) بالتاء فالوجه فيه أنه على تقدير: قل لهم فسوف تعلمون. ووجه الياء أن يحمل على الغيبة التي هي (فاصفح عنهم). وقوله (وقل سلام) تقديره:
وقل أمرنا وأمركم سلام أي متاركة.
المعنى: ثم ذكر سبحانه أنه لا شفاعة لمعبوديهم فقال: (ولا يملك الذين يدعون من دونه) أي الذي يدعوه الكفار إلها، ويوجهون عبادتهم إليه من الأصنام وغيرها (الشفاعة) لمن يعبدهم كما توهمه الكفار، وهي مسألة الطالب العفو عن غيره، وإسقاط العقاب عنه. (إلا من شهد بالحق) وهم عيسى بن مريم وعزير والملائكة، استثناهم سبحانه ممن عبد من دون الله، فإن لهم عند الله منزلة الشفاعة، عن قتادة. وقيل: معناه لا يملك أحد من الملائكة وغيرهم الشفاعة، إلا لمن شهد بالحق أي شهد أن لا إله إلا الله، وذلك أن النضر بن الحارث، ونفرا من قريش قالوا: إن كان ما يقوله محمد حقا، فنحن نتولى الملائكة، وهم أحق بالشفاعة لنا منه. فنزلت الآية. فالمعنى: إنهم يشفعون للمؤمنين بإذن الله. (وهم يعلمون) أي يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم. وفي هذا دلالة على أن حقيقة الإيمان هو الاعتقاد بالقلب، والمعرفة، لأن الله شرط مع الشهادة العلم، وهو ما اقتضى طمأنينة القلب إلى ما اعتقده، بحيث لا يتشكك إذا شكك، ولا يضطرب إذا حرك.
(ولئن سألتهم) يا محمد (من خلقهم) أي أخرجهم من العدم إلى الوجود.
(ليقولن الله) لأنهم يعلمون ضرورة أن أصنامهم لم تخلقهم (فأنى يؤفكون) أي فكيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره. (وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) قال قتادة: هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه، وينكر عليه تخلفهم عن الإيمان. وذكر أن قراءة عبد الله: وقال الرسول يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. وعلى هذا فالهاء في وقيله، يعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. (فاصفح عنهم) أي فأعرض عنهم يا محمد بصفح وجهك، كما قال. (وأعرض عن الجاهلين). (وقل سلام) أي مداراة ومتاركة.
وقيل: هو سلام هجران ومجانبة، لا سلام تحية وكرامة، كقوله: (سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين). وقيل: معناه قل ما تسلم به من شرهم وأذاهم. وهذا منسوخ بآية