وما نحن بمنشرين (35) فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (36) أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين (37) وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين (38) ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون (39) إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين (40).
الاعراب: (من فرعون) أي من عذاب فرعون، فحذف المضاف. ويجوز أن يكون حالا من العذاب المهين أي ثابتا من فرعون، فلا يكون على حذف المضاف.
(أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم): يجوز أن يكون (الذين من قبلهم) مبتدأ و (أهلكناهم) خبره. ويجوز أن يكون منتصبا بفعل مضمر دل عليه (أهلكناهم).
ويجوز أن يكون رفعا بالعطف على (قوم تبع). فعلى هذا تقف على (قبلهم)، ويكون (أهلكناهم) في تقدير وأهلكناهم أي والمهلكون من قبلهم.
المعنى: ثم أقسم سبحانه بقوله: (ولقد نجينا بني إسرائيل) الذين آمنوا بموسى (من العذاب المهين) يعني قتل الأبناء، واستخدام النساء، والاستعباد، وتكليف المشاق (من فرعون إنه كان عاليا) أي متجبرا متكبرا متغلبا. (من المسرفين) أي المجاوزين الحد في الطغيان. وصفه بأنه عال، وإن جاز أن يكون عال صفة مدح، لأنه قيده بأنه عال في الإسراف لأن العالي في الإحسان ممدوح، والعالي في الإساءة مذموم. (ولقد اخترناهم) أي اخترنا موسى وقومه بني إسرائيل، وفضلناهم بالتوراة، وكثرة الأنبياء منهم. (على علم) أي على بصيرة منا باستحقاقهم التفضيل والاختيار (على العالمين) أي على عالمي زمانهم، عن قتادة والحسن ومجاهد. ويدل عليه قوله تعالى لأمة نبينا (ص) (كنتم خير أمة أخرجت للناس).
وقيل: فضلناهم على جميع العالمين في أمر كانوا مخصوصين به، وهو كثرة الأنبياء منهم. (وآتيناهم) أي وأعطيناهم (من الآيات) يعني الدلالات والمعجزات مثل فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى. (ما فيه بلاء مبين) أي ما فيه النعمة الظاهرة، عن الحسن. وقيل: ما فيه شدة وامتحان مثل العصا، واليد البيضاء. فالبلاء يكون بالشدة والرخاء، عن ابن زيد. فيكون في الآيات نعمة على الأنبياء وقومهم، وشدة على الكفار المكذبين بهم.