الله إليك، يريد: أنلني خيرا أنالك الله. ونظرت فعل يستعمل، وما تصرف منه على ضروب أحدها: أن تريد به نظرت إلى الشئ، فتحذف الجار، وتوصل الفعل، ومن ذلك ما أنشده أبو الحسن:
ظاهرات الجفال، والحسن، ينظرن كما ينظر الأراك الظباء والمعنى ينظرن إلى الأراك، فحذف الجار والاخر: أن تريد به تأملت وتدبرت، وهو فعل غير متعد. فمن ذلك قولهم: إذهب فانظر زيدا أبو من هو؟ فهذا يراد به التأمل. ومن ذلك قوله: (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال)، و (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض). وقد يتعدى هذا بالجار كقوله: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) فهذا حض على التأمل. وقد يتعدى هذا بفي نحو قوله: (أفلم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض).
فأما قول امرئ القيس:
فلما بدا حوران، والآل دونه (1)، نظرت فلم تنظر بعينك منظرا فيجوز أن يكون نظرت (2) فلم تر بعينك منظرا إلى الال (3). وقد جوز أن يعني بالنظر الرؤية على الاتساع، لأن تقليب البصر نحو المبصر، تتبعه الرؤية. وقد يجري على الشئ لفظ ما يتبعه، ويقترن به، كقولهم للمزادة راوية، وللفناء:
عذرة (4). وقد يكون نظرت فلم تنظر مثل تكلمت ولم تتكلم أي: لم تأت بكلام على حسب ما يراد. فكذلك نظرت. فلم تنظر بعينك منظرا، كما تريد. أو لم تر منظرا يروق. وضرب آخر من نظرت هو أن تريد به انتظرته، من ذلك قوله: (غير ناظرين إناه) ومثله قول الفرزدق:
نظرت كما انتظرت الله حتى * كفاك الماحلين لك المحالا (5)