يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم) على الصراط يوم القيامة، وهو دليلهم إلى الجنة، ويريد بالنور الضياء الذي يرونه ويمرون فيه، عن قتادة. وليل: نورهم هديهم، عن الضحاك. وقال قتادة: إن المؤمن يضئ له نور كما بين عدن إلى صنعاء، ودون ذلك، حتى إن من المؤمنين من لا يضئ له نوره، إلا موضع قدميه.
وقال عبد الله بن مسعود: ويؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من نوره مثل الجبل، وأدناهم نورا من نوره على إبهامه، يطفأ مرة ويقد أخرى. وقال الضحاك:
وبايمانهم يعني كتبهم التي أعطوها، ونورهم بين أيديهم.
وتقول لهم الملائكة: (بشراكم اليوم جنات) أي الذي تبشرون به اليوم جنات (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) أي مؤبدين دائمين، لا تفنون. (ذلك هو الفوز العظيم) أي الظفر بالمطلوب. ثم ذكر حال المنافقين في ذلك اليوم فقال:
(يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا) ظاهرا وباطنا. (انظرونا نقتبس من نوركم) قال الكلبي: يستضئ المنافقون بنور المؤمنين، ولا يعطون النور. فإذا سبقهم المؤمنون قالوا: انظرونا نقتبس من نوركم أي: نستضئ بنوركم، ونبصر الطريق، فنتخلص من هذه الظلمات. وقيل: إنهم إذا خرجوا من قبورهم اختلطوا، فيسعى المنافقون في نور المؤمنين، فإذا ميزوا (1) بقوا في الظلمة، فيستغيثون، ويقولون هذا القول. (قيل) أي فيقال للمنافقين (ارجعوا وراءكم) أي ارجعوا إلى المحشر، حيث أعطينا النور (فالتمسوا نورا) فيرجعون فلا يجدون نورا، عن ابن عباس. وذلك أنه قال تغشى الجميع ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، ويعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق. وقيل: معنى قوله (ارجعوا وراءكم) ارجعوا إلى الدنيا إن أمكنكم، فاطلبوا النور منها، فإنا حملنا النور منها بالإيمان والطاعات، وعند ذلك يقول المؤمنون: (ربنا أتمم لنا نورنا).
(فضرب بينهم بسور) أي ضرب بين المؤمنين والمنافقين سور. والباء مزيدة، لأن المعنى حيل بينهم وبينهم بسور، وهو حائط بين الجنة والنار، عن قتادة. وقيل:
هو سور على الحقيقة (له باب) أي لذلك السور باب (باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله) أي من قبل ذلك الظاهر (العذاب) وهو النار. وقيل: باطنه أي: باطن ذلك