الذي، ومن في موضع رفع بالابتداء. والذي خبره على القول الأول. وعلى القول الثاني يكون (ذا) مبتدأ. و (الذي) خبره. والجملة خبر من، كذا ذكره ابن فضال. وأقول. إن الصحيح أن يكون (ذا) مبتدأ. و (الذي يقرض الله) صفته.
ومن: خبر المبتدأ قدم عليه لما فيه من معنى الاستفهام. (يوم ترى المؤمنين) يتعلق بقوله (ولهم أجر كريم) و (يوم يقول المنافقون) يتعلق بقوله (ذلك هو الفوز العظيم). ويجوز أن يكون التقدير: واذكر يوم يقول. ويجوز أن يكون بدلا من يوم ترى. له باب: في موضع جر صفة لسور (باطنه فيه الرحمة): صفة لباب.
المعنى: ثم حث سبحانه على الانفاق فقال: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) أي طيبة به نفسه، عن مقاتل. وقد تقدم تفسيره في سورة البقرة (فيضاعفه له) أي يضاعف له الجزاء من بين سبع، إلى سبعين، إلى سبعمائة. وقال أهل التحقيق: القرض الحسن أن يجمع عشرة أوصاف، أن يكون من الحلال، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا الطيب). وأن يكون من أكرم ما يملكه، دون أن يقصد الردئ بالإنفاق لقوله: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون).
وأن يتصدق وهو يحب المال، ويرجو الحياة، لقوله لما سئل عن (1) الصدقة: (أفضل الصدقة أن تعطيه وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش، وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت النفس التراقي، قلت لفلان كذا، ولفلان كذا) وأن يضعه في الأخل الأحوج الأولى بأخذه، ولذلك خص الله م قواما بأخذ الصدقات، وهم أهل السهمان.
وأن يكتمه ما أمكن لقوله: (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم)، وأن لا يتبعه المن والأذى لقوله: (لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى). وأن يقصد به وجه الله، ولا يرائي بذلك، لأن الرياء مذموم. وأن يستحقر ما يعطي وإن كثر، لأن متاع الدنيا قليل. وأن يكون من أحب ماله إليه لقوله: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فهذه الأوصاف العشرة إذا استكملتها الصدقة كان ذلك قرضا حسنا.
(وله أجر كريم) أي جزاء خالص، لا يشوبه صفة نقص. فالكريم: الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير، فلما كان ذلك الأجر يعطي النفع العظيم، وصف بالكريم. والأجر الكريم هو الجنة. (يوم ترى) يا محمد (المؤمنين والمؤمنات