(تكذبون) فالمعنى: إنكم تكذبون بالقرآن، لأن الله تعالى هو الذي رزقكم ذلك على ما جاء في قوله تعالى: (رزقا للعباد) فتنسبونه أنتم إلى غيره. فهذا تكذيبكم بما جاء به التنزيل. وأما ما روي من قوله (وتجعلون شكركم) فالمعنى. تجعلون مكان الشكر الذي يجب عليكم التكذيب. وقد يكون المعنى وتجعلون شكر رزقكم التكذيب. فحذف المضاف. وقال ابن جني: هو على وتجعلون بدل شكركم ومثله قول العجاج:
ربيته حتى إذا تمعددا (1) كان جزائي بالعصا أن أجلدا أي: كان بدل جزائي الجلد بالعصا. وأما قوله (فلا أقسم) فالتقدير: لأنا أقسم، وهو فعل الحال يدل على ذلك أن جميع ما في القرآن من الأقسام، إنما هو حاضر الحال، لا وعد الإقسام كقوله: (والتين والزيتون). (والشمس وضحاها) ولذلك حملت لا على الزيادة في قوله: (فلا اقسم بمواقع النجوم) ونحوه. نعم.
ولو أريد به الفعل المستقبل للزمت منه النون، فقيل: لأقسمن.
اللغة: القسم: جملة من الكلام، يؤكد بها الخبر بما يجعله في قسم الصواب دون الخطأ. والعظيم هو الذي يقصر مقدار ما يكون من غيره، عما يكون منه، وهو ضربان: عظيم الشخص، وعظيم الشأن. والكريم هو الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير. فلما كان القران من شأنه أن يعطي الخير الكثير بأدلته المؤدية إلى الحق، كان كريما على حقيقة معنى الكريم، لا على التشبيه بطريق المجاز. والكريم في صفات الله تعالى، من الصفات النفسية التي يجوز أن يقال فيها لم يزل كريما، لأن حقيقته تقتضي ذلك من جهة أن الكريم هو الذي من شأنه أن يعطي الخير الكثير، صح أن يقال إنه لم يزل كريما. والمدهن: الذي يجري في الباطن على خلاف الظاهر، كالدهن في سهولة ذلك عليه، والإسراع فيه. يقال: أدهن يدهن، وداهن يداهن، مثل نافق. والدين هو الجزاء، ومنه قولهم. (كما تدين تدان) أي كما تجزي تجزى. والدين: العمل الذي يستحق به الجزاء.
الاعراب: (فلولا إذا بلغت الحلقوم): العامل في إذا محذوف يدل عليه الفعل الواقع بعد لولا، وهو (ترجعونها) في (فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها).