السويق والسمن عند صخرة، فإذا باع السويق والسمن صب على الصخرة، ثم يلت. فلما مات ذلك الرجل، عبدت ثقيف تلك الصخرة، إعظاما لذلك الرجل.
المعنى: ثم بين سبحانه ما رآه النبي (ص) ليلة الإسراء، وحقق رؤيته فقال:
(ما كذب الفؤاد ما رأى) أي لم يكذب فؤاد محمد، ما رآه بعينه. فقوله (ما رأى): مصدر في موضع نصب، لأنه مفعول كذب. والمعنى: إنه ما أوهمه الفؤاد أنه رأى ولم ير، بل صدقه الفؤاد رؤيته. قال المبرد: معنى الآية أنه رأى شيئا فصدق فيه. قال ابن عباس: رأى محمد (ص) ربه بفؤاده. وروي ذلك عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي (ع). وهذا يكون بمعنى العلم أي: علمه علما يقينا بما رآه من الآيات الباهرات، كقول إبراهيم (ع): (ولكن ليطمئن قلبي) وإن كان عالما قبل ذلك. وقيل: إن الذي رآه هو جبرائيل على صورته التي خلقه الله عليها، عن ابن عباس وابن مسعود، وعائشة، وقتادة، وقيل: إن الذي رآه هو ما رآه من ملكوت الله تعالى، وأجناس مقدوراته، عن الحسن قال: وعرج بروح محمد (ص) إلى السماء، وجسده في الأرض.
وقال الأكثرون وهو الظاهر من مذهب أصحابنا، والمشهور في أخبارهم: إن الله تعالى صعد بجسمه إلى السماء، حيا سليما، حتى رأى ما رأى من ملكوت السماوات بعينه، ولم يكن ذلك في المنام. وهذا المعنى ذكرناه في سورة بني إسرائيل. والفرق بين الرؤية في اليقظة، وبين الرؤية في المنام أن رؤية الشئ في اليقظة هو إدراكه بالبصر على الحقيقة. ورؤيته في المنام: تصوره بالقلب على توهم الإدراك بحاسة البصر من غير أن يكون كذلك. وعن أبي العالية قال: سئل رسول الله (ص) هل رأيت ربك ليلة المعراج؟ قال: " رأيت نهرا، ورأيت وراء النهر حجابا، ورأيت وراء الحجاب نورا، لم أر غير ذلك ".
وروي عن أبي ذر، وأبي سعيد الخدري أن النبي (ص) سئل عن قوله (أما كذب الفؤاد ما رأى) قال: " رأيت نورا ". وروي ذلك عن مجاهد وعكرمة. وذكر الشعبي عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، أنه قال: إن محمدا (ص) رأى ربه! قال الشعبي: وأخبرني مسروق قال: سالت عائشة عن ذلك، فقالت: إنك لتقول قولا إنه ليقف شعري منه! قال مسروق: قلت رويدا يا أم المؤمنين وقرأت عليها: (والنجم إذا هوى) حتى انتهيت إلى قوله: (قاب قوسين أو أدنى) فقالت: