البيوت والعصي في الأصل فعول، وإن كانت الفاء مكسورة. وإنما حملوها على أنها فعلى، لأنهم لم يجدوا شيئا من الصفات على فعلى، كما وجدوا الفعلي والفعلي.
وقال أبو عبيدة: ضزته حقه، وضزته أضوزه أي: نقصته ومنعته. فمن جعل العين منه واوا، فالقياس أن يقول ضوزى، وقد حكي ذلك. فأما من جعله ياء من قولك ضزته، فكان القياس أيضا أن يقول ضوزى، ولا يحتفل بانقلاب الياء إلى الواو، لأن ذلك إنما ذكره في بيض وعين، جمع بيضاء وعيناء، لقربه من الطرف. وقد بعد من الطرف فهنا بحرف التأنيث، وليست هذه العلامة في تقدير الانفصال كالتاء، فكان القياس أن لا يحفل بانقلابها إلى الواو.
المعنى: ثم قال سبحانه منكرا على كفار قريش قولهم: الملائكة بنات الله، والأصنام كذلك. (ألكم الذكر وله الأنثى) أي: كيف يكون ذلك كذلك، وأنتم لو خيرتم لاخترتم الذكر على الأنثى، فكيف أضفتم إليه تعالى ما لا ترضونه لأنفسكم.
(تلك إذا قسمة ضيزى) أي جائرة غير معتدلة، بمعنى أن القسمة التي قسمتم من نسبة الإناث إلى الله تعالى، وإيثاركم بالبنين، قسمة غير عادلة. (إن ير إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) أي: ليس تسميتكم لهذه الأصنام بأنها آلهة، وأنها بنات الله، إلا أسامي لا معاني تحتها، لأنه لا ضر عندها، ولا نفع، فهي تسميات ألقيت على جمادات. (ما أنزل الله بها من سلطان) أي لم ينزل الله كتابا لكم فيه حجة بما تقولونه، عن مقاتل.
ثم رجع إلى الإخبار عنهم بعد المخاطبة فقال: (إن يتبعون إلا الظن) الذي ليس بعلم (وما تهوى الأنفس) أي وما تميل إليه نفوسهم (ولقد جاءهم من ربهم الهدى) أي البيان والرشاد بالكتاب والرسول. عجب سبحانه من حالهم، حيث لم يتركوا عبادتها مع وضوح البيان. ثم أنكر عليهم تمنيهم شفاعة الأوثان، فقال لهم:
(أم للإنسان) أي للكافر (ما تمنى) من شفاعة الأصنام. (فلله الآخرة والأولى) فلا يملك فيهما أحد شيئا إلا بإذنه. وقيل: معناه بل للإنسان ما تمنى من غير جزاء، لا ليس الأمر كذلك، لأن لله الآخرة والأولى، يعطي منهما من يشاء، ويمنع من يشاء. وقيل: معناه ليس للإنسان ما تمنى من نعيم الدنيا والآخرة، بل يفعله الله تعالى بحسب المصلحة، ويعطي الآخرة للمؤمنين دون الكافرين، عن الجبائي.
وهذا هو الوجه الأوجه، لأنه أعم فيدخل تحته الجميع.